وأوضح هذه الظواهر أن العمال قد تجمعوا في نقابات يسعون عن طريقها إلى تحسين أحوالهم، وتشغيل العاطلين منهم، وتنظيم الإضرابات والمظاهرات وإصدار الاحتجاجات عندما يزداد ضغط أرباب الأعمال عليهم. ولم نسمع بعد - بالرغم من مجهودات بعض الأفراد طيبي القلوب - عن هيئة من الفلاحين تسعى إلى شيء من هذا
ولاشك أن هذه النقابات قد أفادت العمال في كثير من الظروف، وزادت بينهم ما يسمى (الوعي الطبقي) وإذا كان هذا الوعي الطبقي لم يصل بهم بعد إلى درجة النجاح في تكوين حزب عمال مستقل، فقد كان كافياً على الأقل إلى أن يقنع بعض الأحزاب السياسية الموجودة أن من مصلحتها التقرب بين العمال ورعاية نقاباتهم والتودد إليهم بالوعود. . .
ومع ذلك فما زالت الحركة النقابية في مصر ضعيفة، وذلك لسببين:
السبب الأول يتصل بالحركة العمالية ذاتها التي لم تنجح بعد في تحقيق (التضامن الطبقي) الكامل بين العمال، كما لم تنجح بعد في أثارت حركة مشابه بين الفلاحين، لاشك أنها إذا قامت واتحدت مع الحركة العمالية، أصبح لمجموع الأيدي العاملة في مصر قدرة رائعة على الكفاح الاقتصادي الناجح. . .
أما السبب الثاني لضعف الحركة النقابية فيرجع إلى المقاومة الجبارة المنظمة التي تواجهها بها الطبقة التي تخاف على مصالحها من نمو هذه الحركة، والتي منها من لا يتحرج أحياناً عن اللجوء إلى أحط الوسائل لإفساد أخلاق بعض زعماء العمال، وتأليب بعضهم على بعض. ولهذا الطبقة سلطان مادي يضمن لها نفوذاً كافياً على التشريع والصحافة. وليس أدل على هذا النفوذ من أن مشروع قانون النقابات ما زال من السنوات يتأرجح بين قاعتي مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وما زال يؤجل الدورة بعد الدورة. . . هذا بالرغم من أن هذا القانون يكاد يحرم على العمال كل وسيلة من وسائل الكفاح الجدي
ولسنا نستطيع الحديث عن مسألة الفقر في مصر بغير أن نذكر مشكلة المتعلمين العاطلين. وقد يبدوا عجيباً أن تظهر مثل هذه المشكلة في بلد لا تزيد فيه نسبة المتعلمين على ١٠ ? بينما لم تظهر هذه المشكلة في معظم الأمم الغربية إلا بعد أن عم فيها التعليم. ولكن تعليل ذلك غير عسير؛ فإن انتشار التعليم في الغرب - كما هو الحال في مصر - كان ملازماً