ويحي رميمها، وقد لا نرسمها بالكلمات، فأن اللغات أضيق من أن تشرح ما في النفوس، قد تستعين بالرسم أو النقش أو الموسيقى أو غير ذلك، فعملنا في سبيل إحيائها ورسمها هو الفن وجزاؤنا منها هو الخلود.
فهل الفن الذي يتنفس عنه رجال الفنون في بلادنا من هذا القبيل؟
وهل لي أن أقول واسأل عن الشعر الذي يفيض من قرائح شعراء الزمن أيكون تلك الأداة المادية التي تصور تلك الصور الفتانة التي تمتلك علينا تفكيرنا. وتستبد بنفوسنا؛ أو تلك العواطف المتبدلة المتغيرة التي تستنفد حياتنا،
أيكون تلك الأداة المادية التي لها موسيقاها وتوقيعها، والتي نسعى لان نظهر لعيوننا نوعا من الشعور الغامض والإدراك الناقص، لا يدركه إلا القلب الشعري الذي يستمد قوته من الإلهام والعلم والعقل والخيال، كأنه أدراك شامل لما تحويه لحظة من لحظات النعيم أو الشقاء، وبإبراز هذا الشعور الغامض وهذا الإدراك الناقص، في صورة واضحة ناطقة، تامة كاملة فيها حياة وفيها حركة.
واذا كان الشعر العصري كما يقول الدكتور أبو شادي في مقدمة ينبوعه (هو لسان حياة العصر، والحياة العصرية ذات صلات شتى بالماضي، وذات تطلع إلى المستقبل، فليس غريبا في الثورة الروحية والفكرية الحاضرة أن يأتي هذا الشعر مزيجا منوعا، لا في مصر وحدها بل في العالم الأدبي بأسره) ويضرب على ذلك المثل بالشاعر الألماني العظيم (إننا لا نجاريه في قوله ولا نجاريه في استشهاده بالشاعر الألماني العظيم، فبينما يشرح ذلك الألماني النبيل عواطفه المتدفقة في نفسه، أو يشرح نفسه الواسعة الفياضة، بأنواع من النظم، نرى الدكتور، لا يرتفع في شعره عن أن ينظم في بعض مناسبات خاصة. وفرق كبير جداً بين هذا الشعر الذي يكاد يكون (شعرا صحفيا) وبين شعر هين المختلف المتناسق، الذي نرى اختلافه في أغراضه وسعتها، والذي تراه يتناسق في الصفات الأولى، التي تتصف بها نفس ذلك الشاعر العبقري، أما أن يجد الدكتور احمد زكي أبو شادية حجة على الناس في مناسباته التي صاغ كل شعره من اجلها فهذه حجة غير واردة كما يقول رجال القانون في بلادنا، ولا ادري أن كانوا يقولون كذلك في مصر.
وأنا عالم كل العلم بأن أقوالي قد لا تفيد مع الدكتور الشاعر، لأنه قد قطع عليَّ الطريق في