مقدمة ديوانه فقال (وإذا كنت أؤمن إيمانا عميقا، بأن الفنون الجميلة من أقوى عوامل السلام ورسول الإنسانية المشتركة. فلست اعني بذلك أن تقديرها شامل في الظروف الحاضرة. فكم تتباين الأذواق، وعلى حد تعبير (بردنز لاهو برمان)(لا يرتقب أن يجيد عزف موسيقى بتهوفن إجادة المتذوق المعجب بها، من ليست لديه إثارة من عواطف بتهوفن) كذلك شأن الشعر وغيره من الفنون الجميلة).
والأستاذ أبو شادي يشير إلى أن (ليس محتوما على غير مريديها - أي أشعاره - أن يطلعوا عليها حتى أكون معرضا لمؤاخذتهم إياي)
والشاعر يحدث الناس في صراحة ما بعدها صراحة فيقول (نوازع وجدانية، صوفية تحبب ذلك إلى - أي نشر أشعاره - كأنما أنا مكلف برسالة أؤديها)
وأبو شادي يقول (إن الشاعر ككل فنان يعمل على تخليد صورة الحياة الفانية، وذكرياتها في النسق الذي يستطيع به استرجاعها لروحه العالمية)
وأنا متفق مع الدكتور في هذه الفكرة إلى ابعد حد، مؤمن بالنوازع الوجدانية الصوفية التي تحفز الشاعر العبقري على إذاعة بنات شعره، ولكنني أكاد أكون كافراً بفكرته الأخرى فكرة النقد واطلاع الناس على الشعر.
إن هذا الشعر الذي نشره صاحبه قد خرج من يده واصبح ملكا للناس، لقد تنازل لهم الشاعر عنه، فسيقرئون وسيفهمون وقد لا يفهمون كثيراً، وسيؤخذون وينقدون، فما دخل الشاعر هنا، لقد صار هذا الكلام في حكم التاريخ وسيتكلم الناس عنه بما يرضي صاحبه وبما يكره.
وأنا باسم هذا الحق المكتسب قد استعرضت الكتاب، ووقفت على مقدمته، وبعد أن قرأت الينبوع من الجلد إلى الجلد بما فيه من مقدمة وتصدير وإلمامه، ودراسات مختلفة. وبما فيه من شعر اختلفت ألوانه، وتباينت أمزجته، وبعد أن أنعمت النظر بما فيه من صور جميلة ملونة تستهوي كثيرا من الناس، وأنعمت النظر مرة أخرى في عنوان الكتاب، وصورته الفنية التي تزين غلافه. آمنت بفكرة واحدة، جسمتها في ذهني قراءة ديوان أبى شادي الجديد.
آمنت أن من النادر أن ينتج لإنسان كما يتصور الإنتاج، وأخذت أطبق هذا الحدس على