نفسي. هل الشعر الذي انظم عقوده، يوافق ما أريد أن افهم من الشعر، ثم رجعت اسأل مرة أخرى، إلا يخطئ الإنسان في تصوير الصورة التي تقوم في ذهنه، ومن ثم سألت نفسي، هل الشعر الذي يفيض من ينبوع أبي شادي يشبه في شيء الشعر الذي يشير إليه في مقدمته،؟
وأنا حائر بين الفكرتين، أو أنا أؤمن بأن لأبي شادي اكثر من شخصية واحدة في الشعر، كما أن له اكثر من شخصية في مناحي الحياة، فقد يكون من الوجهة الشعرية، نظرياً وعملياً، وعمله لا يتفق مع نظرياته، كما نه في الأعمال لا يتمسك بمهنة أو فكرة واحدة، فهو طبيعي وشاعر يحرر وينشر ويقرأ ويطالع ويهتم بالوظيفة والنظم وتربية الحيوان، أكاد أتمثله بصورته الرمزية، والجاهرة أمامه والمبضغ في يد والريشة في الأخرى والآلة الموسيقية إلى جانبه، وفتاة الإلهام تنضو عليه، والنحل من حوله وله أزيز وطنين، ويتمثل أمامي وعيناه في الأفق البعيد واحدة تنظر إلى الشرق ولا ترتفع عن الشرق. وواحدة في الغرب تذهب بنظرها عنه ثم تعود إليه كأنها أبصرت ما يريبها، ولسانه يردد بين هذه النظرات الحائرة شعره المقفى الموزون هو ناظر إلى بلد آبللوخياً، وشاخص ببصره إلى عمرو بن كلثوم يردد معه أقوالا تشبه قوله:
قفي قبل التفرق يا ظعينا ... نخبرك اليقين وتخبرينا
وأنا شاك في أن يكون أبو شادي مجددا ملتوي التجديد، لقد وقف على أدب الغرب ما في ذلك شك، وعرف من أدبالغرب كل غث وسمين، فماله قد ضيق على نفسه كل هذا التضييق وهو يحاول بين العسر وذاك، أن يضع لنفسه مزاجا خاصاً. يتمثل لك فتكاد تنفر منه، لضعفه في التعبير، وتقصيره في التصوير. ثم هو لا شيء من وجهة التفكير.
اقرأ معي الينبوع وهي قطعة من الديوان سمي الديوان باسمها يتمثلها في صورة (سكس ابيل) اقرأها جملة. فماذا ترى. . . أنا إلا أرى فيها نظرة صوفية، ولا افهم منها فكرة فلسفية عميقة، هي فكرة عادية بسيطة، من الفكر التي يسميها (بول فاليري) فكرة غير شعرية،. وهي بعد هذا كله، شهوانية مفرطة في الشهوة، تتمثل في بطن أملس، انتصب فوقه جبلان وفي أسفله واد عميق، ربما كانت الفكرة طيبة، ربما كنت تهم علماء الغريزة، ربما كانت تهم رجال النسل، ولكن المادة الصرف، المادة المنتجة الملموسة، المادة التي