وفي كثير من الغرف العلوية في بيوت الأغنياء يوجد فضلاً عن الشبابيك نوافذ أخرى من الزجاج الملون بمثل باقات من الزهر وطواويس ورسوما أخرى ذات زخرفة مرحة فاخرة، أو نماذج خيالية ذات أثر في النفس لطيف. وتلك النوافذ الملونة الزجاج يطلق عليها لفظ (قمرية)، ارتفاعها يتراوح بين قدم ونصف وبين قدمين ونصف، وعرضها من قدم إلى قدمين؛ وهي تصف بطول القسم الأعلى من مشربية النوافذ البارزة، أو يعلو بعضها هذه المشربيات بحيث تكون مربعاً كبيراً، أو توضع في أي مكان في أعلى الجدران منفردة أو مزدوجة كل زوج بجانب الأخر. وهذه النوافذ الزجاجية تتكون من قطع صغيرة من الزجاج المختلف الألوان، المثبتة بالجص في إطار من الخشب. وكثيراً ما تزين حيطان بعض الغرف بصور غليظة للمسجد الحرام، أو قبر الرسول (صلعم)، أو لبعض الزهور، أو لموضوعات أخرى يصورها صناع الوطنيين المسلمين الذين يجهلون القواعد الأولى للرسم النظري، فيشوهون هكذا ما يحاولون أن يزينوه. وفي أغلب الأحوال تعمل هذه الرسوم الملطخة إرضاء لذوق الأتراك الرديء. وقلما يوجد نظيرها فيما بني على الطراز العربي الجميل، وأحياناً تزين الحوائط بعبارات عربية من حكم وغيرها تكتب على ورق بخط جميل، ثم توضع في أطر مجهزة بألواح زجاجية. وليست هناك غرفة خاصة تؤثث للنوم: فالسرير يطوى أثناء النهار ويوضع على جانب، أو في غرفة ملحقة تسمى (خزنة) تعد للنوم في الشتاء. وفي الصيف ينام الكثيرون في أعلى المنازل. ويغطى الجزء المرتفع من الأرضية المبلطة بالحجر بحصير أو بساط ويوضع فوقها ديوان، وهذا هو الأثاث الكامل للغرفة.
وعند تناول الطعام يؤتى بصينية مستديرة توضع فوق كرسي منخفض، ويجلس الآكلون حولها على الأرض. وليس هناك موقد؛ وإنما تدفأ الغرفة بفحم الحطب الذي يحرق في مجامر. ولكثير من المنازل عند القمة مسقط منحدر يسمى (ملقف) ويكون غالباً من ألواح خشبية أو من خشب وقصب، ويغطى في الحالة الأخيرة بالجص ويبيض من الداخل والخارج، وفتحته تتجه نحو الشمال أو نحو الجنوب ليدخل النسيم البارد الذي يهب من هاتين الجهتين إلى (فسحة) - غرفة مفتوحة - سفلى، وهناك عادة فسحة قبل مدخل كل غرفة أو أكثر من الغرف الرئيسية، فيها يجلس أفراد العائلة أو ينامون صيفا. . .