حدته، فليس هناك إلا مدخل واحد وسلم واحد لعدة مساكن. والغرف في الربع تشبه غرف الدور الخاصة السابق وصفها. وهي لا تؤجر أبداً بفرشها. ومن النادر أن يسمح للأعزب أو الجارية بالسكن في تلك الربوع أو في أي مسكن خاص. ومثل هذا الشخص، ما لم يكن يعيش مع أبويه أو مع أقاربه المقربين، يضطر إلى السكن في وكالة (خان)؛ وهي بناء مخصص لاستقبال التجار وإيداع بضائعهم
وفيما عدا العاصمة وبعض المدن الأخرى، قلما توجد منازل كبيرة أو جميلة. أما مساكن الطبقات السفلى وخصوصاً طبقات الفلاحين فيبدوا عليها الفقر المدقع. فأكثرها مبني باللبن والطين وبعضها ليست إلا أكواخاً عادية. ومع ذلك فأغلبها يحوي غرفتين أو أكثر بالرغم من أن القليل منها يتألف من طابقين. ويوجد في مساكن فلاحي الوجه البحري، في غرفة ما، (فرن) في الطرف الأقصى من المدخل شاغلاً عرض الغرفة كلها، وهو عبارة عن دكة من الطوب والطين لا يزيد ارتفاعها على صدر الإنسان، سقفها مقوس في الداخل ومسطح عند القمة. ويندر أن يمتلك الفلاحون لحافاً يلتحفون به في ليالي الشتاء، فينامون كلهم على سطح الفرن بعد أن يوقدوا فيه ناراً، أو يتمتع بهذا الترف الزوج وزوجته، بينما يفترش الأطفال الأرض. وفي الغرف فتحات صغيرة مرتفعة يدخل منها النور والهواء وتشبك أحياناً بقضبان خشبية. وتكون السقوف من جذوع النخل وتغطى بالجريد والسعف وسيقان الذرة، وتكسى بطبقة من الطين والتبن. ولا يتعدى أثاث المنزل حصيرة أو حصيرتين للنوم، وبعض أوعية من الفخار، ورحاً لطحن الحبوب. ويلاحظ أن في كثير من القرى أبراجاً للحمام كبيرة مربعة الشكل مع ميل خفيف في جدرانها نحو الداخل (مثل كثير من مباني قدماء المصريين)، أو على شكل قالب سكر، تبنى على أسطح الأكواخ باللبن والفواخير والطين. وأكثر قرى مصر يقع على أطلال مرتفعة بحيث لا تصل إليها مياه الفيضان. وتحيط بها أو تجاورها أشجار النخل. وهذه المرتفعات تتكون عادة من بقايا أكواخ سابقة أو مدينة قديمة، ويبدو أنها تزيد بقدر ما يزيد مستوى الوادي من الرواسب وبقدر ما يزيد مجرى النهر