عن التعرف إلى مواهبها العلمية والروحية والاقتصادية والحربية، فأنا أعرف شخصاً عاش في تلك البلاد سبعاً وعشرين سنة ثم عاد وهو لم يتغير ولم يتبدل، ولم يعرف من خريطة البلد الذي عاش فيه غير خطوط معدومة المدلول، ثم انسجم حين عاد مع بيئته القديمة بلا تحفظ ولا احتراس، وكان الظن أن يغيرها من حال إلى حال، ولكنه عاش في أوربا معصوب العينين فلم يعرف ما فيها من أسرار ليمد قومه حين يعود بزاد جديد
ولهذا الشخص أمثال وأمثال، وجهلهم أو رياؤهم هو السبب في صد مصر عن فهم الاتجاهات السياسية والاقتصادية في البلاد الأوربية
اعرفوا أوربا. اعرفوها. اعرفوها. لتتقوا شرها عن بصيرة وإدراك، واحترسوا ممن يوهمكم أن أوربا ذهبت ولن تعود
أوربا المبلبلة باقية إلى أزمان وأزمان، فادرسوها بعناية لتعرفوا مسالكها الظاهرة والخفية، ولتقفوا على غرضها المستور من التودد إلى أقطار الشرق، فالجسم المزخرف الأملس هو أظهر شمائل الحية الرقطاء، وما قال أحد إنه رأى أنياب الحية إلا بعد التزود من سمها الزعاف. . . والله الحفيظ، وبه نستعيذ