وبين ما كان يجب أن تكون، إذ لم يزد عدد سكانها بكثير عن ربع العدد الذي كان في إمكانها إعالته.
ولقد كان في استطاعة العاهل العظيم أن ينفع شعبه أجزل النفع لو أنه بدلا من إفقار الفلاحين بنزع الأراضي الزراعية واحتكار المحصولات القيمة، واستخدام كفاءة السكان في إرضاء طموحه وتحقيق فتوحه، أو في منافسته الصناعة الأوربية على غير طائل
كان قد وجه عنايته إلى مساعدة الطبيعة في أن يجعل مصر بلداً زراعياً على الأخص، فقد كان يكفي محصول قطنها وحده، بل ويفيض، للحصول على كل منتجات المصانع الأجنبية وكل المحصولات الطبيعية التي تتطلبها حاجة السكان من البلاد الأجنبية
الفصل الأول
ميزات المصريين المسلمين وملابسهم
يؤلف المسلمون العربيو الأصل غالبية سكان مصر منذ قرون. وقد أحدث ذلك انقلابا في اللغة والقوانين والشمائل العامة، وأصبحت العاصمة المصرية أعظم قاعدة للمعارف والفنون العربية. وسيخصص لوصف هذا الشعب - على الأخص الطبقتان الوسطى والعليا في القاهرة - أكبر جزء من هذا الكتاب
ويلاحظ أن شمائل المصريين وعاداتهم تثير الاهتمام بنوع خاص، لأنها مزيج من تلك الشمائل والعادات التي تسود الجزيرة العربية وسورية وشمال أفريقيا كله وتركية إلى حد بعيد. وليس في العالم بلد كمصر يمكننا أن نحصل فيه على معرفة تامة بأكثر طبقات العرب تمدناً
ويظهر من الإحصائيات الواردة في مقدمة هذا الكتاب أن المصريين المسلمين - أو المصريين العرب - يؤلفون تقريباً أربعة أخماس سكان العاصمة، وسبعة أثمان سكان مصر كلها
والمصريون المسلمون من جنس خليط انحدر إلى حد كبير من عدة قبائل وعشائر عربية وفدت إلى مصر في عصور مختلفة، بعيد الفتح. وهؤلاء العرب المهاجرون كانوا أولا قبائل تجوب الصحراء، ولكنهم تركوا حياة البداوة وتحضروا، ثم اصهروا إلى الأقباط