الذين أصبحوا بالإسلام آمنين، فأدى اختلاطهم هذا إلى تكوين شعب كثير الشبه بقدماء المصريين الذين ينتمون إلى الجنس (القوقازي) مع قرابتهم إلى الجنس الأسود على درجات مختلفة، وهذا الشبه يبدو تاماً في عدة أفراد منهم على الجملة، وعلى الأخص في القبط والنوبيين، وهو في مسلمي مصر الوسطى والعليا أكثر شيوعاً ووضوحاً، ولكنهم مع ذلك ليسوا أقل عروبة من أهل الحضر في الجزيرة ذاتها، إذ فشت فيهم منذ القدم عادة اقتناء الجواري من قبائل الجلا والأحباش، إما للزواج وإما للتسري. ولذلك كان عرب المدن الآن يشبهون الجلا والأحباش بقدر ما يشبهون البدو. وهذا - على الأقل - هو الحال في مدن الإقليم الجنوبي الغربي من بلاد العرب؛ أما الجهات الجنوبية، فالحضريون فيها أكثر اختلاطا بالهنود وأجناس الملايا وبالأفريقيين كذلك. فالمصريون عامة والعرب كذلك - ولو على درجة أقل - ينزعون بعرق إلى أهل أفريقيا الأصليين. ويلاحظ أن لفظ (العرب) يطلقه سكان البلاد العربية الآن على البدو في مجموعهم، ويطلقون كلمة (العربان) على أهل القبيلة أو على القليل منهم، أما الفرد فيسمى (بدويا). وقد زال التمييز بين القبائل تقريباً في العاصمة وفي غيرها من المدن المصرية؛ ولكنه لا يزال باقياً بين الفلاحين الذين حافظوا على عادات بدوية كثيرة سأتكلم عنها فيما بعد. وفي بقاع مختلفة من مصر عشائر تنحدر من العرب الأولين الذين يترفعون عن التزوج ممن هن أقل منهم جنساً. وهؤلاء يصعب بل يستحيل تمييزهم من قبائل صحراء الجزيرة العربية. ومسلمو القاهرة الوطنيين يسمون أنفسهم عادة:(المصريين) و (أولاد مصر) أو (أهل مصر) و (أولاد البلد)؛ وآخر تلك العبارات الثلاث أكثرها شيوعاً في المدينة نفسها. أما أهل الريف، فيسمون بالفلاحين (أو المزارعين)؛ وكثيراً ما يطلق الأتراك على المصريين لفظ الفلاحين، ويقصدون به معنى الغلظة والجفاء، أو ينبذونهم بأهل فرعون إهانة لهم، فيرد عليهم المصريون كلما اجترءوا على ذلك بتسميتهم أهل نمرود
ويتراوح طول المصريين بين خمسة أقدام وثماني بوصات، وخمس أقدام وتسع بوصات، وأغلب الأطفال تحت سن التاسعة أو العاشرة دقاق الأطراف ضخام البطون، ولكن. . . سرعان ما تتحسن إشكالهم كلما تدرجوا في النمو، فلا يبلغون أشدهم حتى تتناسب أعضاؤهم بشكل ظاهر. فالرجال أقوياء مفتولو العضلات، والنساء جميلات التكوين بدينات