قال بريان: حسن، هذا ما كنت أخشاه، فبعد ستة أسابيع يكون الوقت قد مضى، وأنت تعرف أن الملاحة في الدانوب تتعطل في أثناء الشتاء.
- الدانوب؟ وأين تريد أن تذهب؟ ولماذا؟
- أنت ترى، ولكن يحسن بي أن أتكلم من البداية.
- إن هذا يكون أكثر إيضاحاً.
- لقد بدأت هذه القصة منذ أسبوعين مع أحد مرضاي وهو بحار ألماني ظريف يدعى (باير). وكانوا قد حملوه إلى المستشفى من الميناء، إذ أصابته إحدى الرافعات إصابة خطرة. وقد بلغت ما في وسعي لإنقاذه فنلت بذلك ثقته، وقد ساعدني على ذلك معرفتي باللغة الألمانية. وقبل وفاته بقليل أرسل إحدى الممرضات لاستدعائي - ولحسن الحظ كنت موجوداً حينئذ في المستشفى - وأخبرني عن الكنز.
- الكنز؟
- نعم، الكنز. إنها تبدو لك رواية خيالية. وقد فكرت فيك وهو يقص عليّ تلك القصة العجيبة. ألا ترى معي أنها كذلك؟ البحار الذي يحتضر يقص على الدكتور الطبيب في المستشفى قصة الكنز المخبوء، إنما كان ينبغي أن تكون مع البحار خريطة يبين عليها مكان الكنز.
- وهل كان معه؟
- كلا ولكن ما قاله يكفي. لقد قال إنه كان جندياً في الحرب العظمى، ولم يشتغل بالملاحة إلا أخيراً. وقد كان أحد الحراس الثلاثة الذين أرسلته الحكومة الألمانية لحراسة مقدار من المال أرسلته إلى بلغاريا أثناء الحرب. وقد عهد إلى أحد الضباط حراسة العربة المملوءة بالمال. ولما كانت أرض بلغاريا أرض صخرية وعرة، فقد وصلوا إلى هناك متأخرين. وأنت تعرف أن بلغاريا كانت أسبق الدول التي بادرت في التسليم.
- نعم. هنا صحيح. ولا زلت أعجب كيف أن الشبان الذين لم يكونوا إلا صبية صغار في سنة ١٩١٨ يعرفون عن معركة هاستنج أكثر مما يعرفه آباؤهم وأعمامهم الذين خاضوا غمارها وذاقوا ويلاتها.
وعاد بريان يقول: لقد كانوا قريبين من الحدود عندما سلمت بلغاريا. ولما سمع الضابط أن