للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأعيذ القارئ أن يفهم إني أغض من أقدار معلمي المدارس الأولية؛ فأنا أشير دائماً أن يكون (كبار الأساتذة أوصياء على صغار التلاميذ) فالطفل يحتاج إلى مدرس عنيد، أما التلميذ أو الطالب فحاجته قليلة إلى المدرس الممتاز، لأنه يطلع بنفسه على دقائق العلوم والفنون

فمن هؤلاء الذين أشير يرجعهم إلى المدارس الأولية عقابا لهم على التقصير في الإنشاء؟

هم (النفر) الذين يرجون أن يرقوا إلى المدارس الثانوية بدون امتحان، بفضل ما قدموا في خدمة التأليف والتحقيق؟

وسأهجم على هؤلاء النفر، مع الرجاء أن يراعي وزير المعارف إن هذا الهجوم لا يراد به الغض من منازلهم الأدبية، فهم حقاً وصدقاً من أفاضل المدرسين وإنما جاءت العلة من اشتراك جماعة في كتابة مذكرة معدودة الأسطر والكلمات ولو أنشأها كاتب واحد لجاءت غاية في الوضوح والجلاء

وإليهم أسوق المؤاخذات الآتية

أولا - قال إن ماضيهم في التدريس والتأليف قضى بأن (لا تتهيأ لهم العوامل النفسية التي تسمح بأن يقبلوا على امتحان الترقية)

ومعنى ذلك إنهم صاروا في أنفسهم أعظم من لجان الامتحان مع إن الأخبار ترد من وقت إلى وقت بأن في أوربا وأمريكا من يتقدمون إلى المسابقات بعد الخمسين، ولهم في ميدان المجد الأدبي والعلمي مكان

ثانيا - قالوا (إن المعلم بعد أن ينضج وتكتمل شخصيته العلمية لا يتأتى له أن يعود تلميذاً يستوعب ويفرغ ما يستوعبه)

وأقول إن التلميذ الحق هو المدرس الحق، والاستكبار على التلمذة ضرب من الجهل

ثالثا - قالوا (إن الذي يحسن أن يقول لا يستحسن كما يقال)

وأجيب بأن امتحان الترقية يطالبهم بالنقد لا بالاستحسان

رابعا - قالوا (إن الذي له عقل الناقد غير الذي له عقل السامع)

وأقول إن السمع نوع من النقد، لو كانوا يعقلون!

خامساً - قالوا: (كلما أرتفع الإنسان منزلة في الرأي نزل مرتبة في الاستعداد للتعلم من

<<  <  ج:
ص:  >  >>