وَأُحَلِّي بِسِحرِ عَينَيْهِ ذاتي ... ثَّم أزْهى عَلَى نُجُوم السَّمَاءِ
غَيْرَ أَني يَا حَسْرَتا آدَمِيٌّ! ... قَيَّدتِني أَرْضِيَّتِي في بِنائِي!
أَيها الليلُ لَيْتَني كنتُ عصفو ... راً طَلِيقاً مَعَ السَّنَي وَالهَوَاءِ
كنْتُ نَقَّرتُ فَوقَ نَافِذَةِ الَمحْ ... بُوبِ أدْعُوهُ لاسْتماعِ غِنائِي
ليُغنِّي مَعِي وَيُحْكِمَ قَيدِي ... بَيْنَ كفّيْهِ رَاضِياً بِشَقَائِي
غَيْرَ أَني يَا حَسْرَتاَ آدَميٌّ! ... قَيَّدَتْني أَرْضِيَّتِي في بِناَئي
أيها الليلُ ليْتَ أَنِّي هَوَاءٌ ... سَابحٌ في حدِيقَةٍ زَهْرَاءِ
أجْمعُ العِطْرَ مِنْ ثُغُورِ الأَقَاحي ... وَالرَّياحينِ في مَدَى أَحْناَئي
ثمَّ أَمْضِي إلى حَبِيبي عَلِيلاً ... أَسْكَرَ البَدْرُ عُنْصُري بالضَّياَءِ
أَحمِلُ الطِّيبَ في فُؤَادِي إِليهِ ... وَأُفرِّي حِيَالَهُ أحْشاَئي
لأكُونَ الأَنفاَسَ في رِئَتَيهِ ... وَلأحْظَى في صَدرِهِ بفَناَئِي
غَيرَ أنِّي ياَ حَسرَتا آدَمِيٌّ! ... قيَّدَتني أَرْضِيَّتي في بِنائي
أيُّها اللَّيْلُ! ليتَني كنتُ روضاً ... مُورِقَ الزَّهْرِ، وارِفَ الأفياءِ
نمَّقَتْ صَفْحَتي أَنَامِلُ حَسنَا ... ءُ رَبيِعيَّةُ النّدَى والرُّواءِ
كنْتُ نَسَّقْتُ مِنْ وُرُودي تاَجاً ... لِحَبيبي كالهالةِ البَيْضَاءِ
غَيْرَ أَنِّي ياَ حَسْرَتَا آدَمِيٌّ! ... قيَّدَتني أَرْضيَّتي في بِنائي!
أَيُّهاَ اللَّيْلُ ياَ مُقِيلَ الْحَيَارَى ... والْمَسَاكِينِ في البَلاَءِ الشديدِ
في دَمي ثَوْرةٌُيَبُثُّ لَظاَهَا ... هَاجِسٌ أَلهَبَتْهُ ناَرُ الصُّدودِ
وَعَلَى مُهْجَتِي يَؤُزُّ الْتِيَاعٌ ... جَائِعٌ لِلوَقودِ بَعْدَ الوَقُودِ
وَأَناَ بَيْنَ ما أُعَاني لَهِيفٌ ... أَتهاَوّى في قلِبَي المَهْدُودِ
نهْزَةٌ لِلشُّجُونِ لَكِنَّ رُوحي ... تَتَخَطَّى إليْكَ كلَّ السُّدُودِ
خُذْ بِنفْسي إلى السَّلاَمِ وَهَدِّى ... سَوْرَةَ الوَجْدِ في فُؤَادِي العَمِيد
وأمْسَح السُّهْدَ عَنْ عُيُوني وصُغْ مِنْ ... زَفَرَاتي النّشِيدَ تِلوَ النّشِيِدِ
فَارْتِقابُ الوِصَالِ أمرٌ بَعيدٌ ... خِلتُهُ لَيْسَ كالسُّهَا بِالْبِعَيِد
وَحَرَامٌ عَلَى الغَرامِ ضَيَاعِي! ... وَحلاَلٌ فِي ظِلِّهِ تَغْرِيِدي!