إليها بكلمة يكتبها في وقت لم يكن يصلح فيه لجد ولا لعب، كما صرح بذلك في تلك الكلمة الواهية ثم أواجه الموضوع فأقول:
أتكون مهمة الدراسة الجامعية أن تجعل من الحبة قبة؟ أم تكون مهمتها أن تمنع الحبة من أن تصير قبة، وأن تحمى القبة من أن تصير حبة؟
المنطق يوجب أن تكون مهمة الدراسة الجامعية هي إقرار الحقائق في نصابها الصحيح، بلا تزيد ولا تحيف، وإلا كانت دراسة بهلوانية!
ثم أقول: كيف يكون واجب الدراسة الجامعية أن تجعل من الهزل جداً، ومن الجد هزلاً؟
يصح أن يقال إن الدراسة الجامعية ترى كل شيء صالحاً للدرس ولو كان من الهزل، لأن العلم جده جد وهزله جد، ولكن كيف يصير الجد هزلاً بفضل الدراسة الجامعية؟
ثم يحكم بأن الدراسة الجامعية (تدرس اللغات الحية دراسة تميتها، وتفقدها روحها، وتُبعد عن تذوقها)
فمن أين أخذ هذا الرأي؟ وعمن سمع هذا القول؟
أتكون الحالة كذلك في كلية الآداب لهذا العهد؟
ثم يرى الأستاذ أحمد أمين أنه يقل أن تخرج الجامعة أديباً، شاعراً أو كاتباً، وإنما تخرج أديباً ناقداً أو عالماً. فهل يستطيع أن يدلنا كيف تستطيع الجامعة أن نخرج الأديب الناقد أو العالم وهي تدرس اللغة دراسة تميتها وتفقدها حيويتها وتبعد عن ذوقها؟
إن الأصل للمتفق عليه أن النقد هو إدراك الصلات الوثيقة بين الألفاظ والمعاني والأغراض، فإذا صح أن الدراسات الجامعية تنحرف بالأستاذ والطالب عن ذلك الأصل فكيف تخرج الجامعة أديباً ناقداً وقد تعلّم على أساس منخوب؟
والأصل في العلم أن يصل بصاحبه إلى فهم الحقائق على ما هي عليه، فكيف تخرج الجامعة أديباً عالماً وقد أُبعد عمداً عن تذوق الجمال الأدبي؟
كيف تغترب ومعك قلمك
قرأت خطابك يا صديقي، وعزّ عليّ أن يقع في حياتك ما يزعجك، ولو شئت لنصصت على اسمك وبلدك لتكون المواساة جهيرة الصوت، لا يصدها تهيب، ولا يسترها حجاب، ولكن حرصي على استقلالك يمنع من هذه المواساة الجهرية، فما أحب لأرباب الأقلام أن