المراكشي الأحمر القاتم، ولكن أحذية البوابين والسقائين تكون عادة من الجلد الأصفر.
وتمتاز عمامة المسلم باللون عن عمامة القبطي واليهودي وغيرهما من رعايا الباب العالي، فهؤلاء يعتمون بالأسود أو الأزرق أو الرمادي أو الأسمر الخفيف، ويلبسون عامة الثياب القاتمة. ويرجع استخدام الألوان للتمييز بين المذاهب والعشائر والأسر المالكة إلى عهد بعيد. فإن الإمام إبراهيم بن محمد لما قتله الخليفة الأموي مروان اتخذ بنو العباس الثياب السود لباساً لهم حداداً عليه، ومن هنا أصبح سواد اللباس والعمامة الزي المميز للعباسيين وولاتهم. حتى أنهم كانوا إذا غضبوا على عامل حكموا عليه بلبس أبيض. أما اللون الأبيض فقد أختاره مدعي النبوة (المقنع) ليميز حزبه عن العباسيين، كما أختاره فواطم القاهرة لعدائهم لبني العباس. وكان سلطان مصر الملك الأشرف شعبان الذي حكم من سنة ٧٦٤ إلى ٧٧٨ هجرية - ١٣٦٢ إلى ١٣٧٦ ميلادية أول من أمر بتمييز الأشراف بالعمامة الخضراء. ومن الدراويش الرفاعيين من يلبسون عمامة من الصوف الأسود أو من الموصلي الزيتوني القاتم. أما عمامة الأقباط واليهود وغيرهم. فهي عادة من الموصلي أو الكتان الأسود أو الأزرق. والعمامة الغالبة الآن في مصر لا تختلف أشكالها كثيراً. فعمائم الخدم معقدة ذات تلافيف حلزونية مدرجة، وكذلك عمائم كبار التجار والمتوسطين منهم وغيرهم من سكان العاصمة والمدن الكبيرة، إلا أنها أقل حجماً منها. والعمامة التركية في مصر أكثر أناقة؛ والعمامة السورية تمتاز بسعتها. وكان العلماء ورجال الدين والأدب يلبسون العمامة الواسعة الكبيرة ويسمونها (مُقلة) كما ترى في شكل ١٦. والعمامة موضع الاحترام والإجلال؛ فلها في منازل الموسرين كرسي توضع عليه ليلاً ولا يستعمل لغير هذا الغرض. وكثيراً ما يعد هذا الكرسي في جهاز العروس؛ كما كان من المعتاد أيضاً أن يكون للمرأة كرسي آخر لغطاء رأسها. وتحضرني حكاية قصها عليّ صديق أسوقها إليك مثالاً لمقدار الاحترام الذي يكنه الشعب للعمامة. فقد رووا أن عالماً سقط من فوق حماره في شارع من شوارع المدينة فتدحرجت مقلته بعيداً عنه. فتجمع المارون وأخذوا يجرون وراء العمامة صائحين: ارفعوا تاج الإسلام! ارفعوا تاج الإسلام! بينما كان العالم المسكين طريح الأرض يناديهم مغتاظاً: (أنهضوا أولاً شيخ الإسلام).
تنتقل الآن إلى وصف هيئة النساء العامة وملامحهن. فالمصريات منذ بلوغهن سن الرابعة