عشرة حتى العشرين، هن من حيث الجسم مثال الجمال؛ ومحياهن يسر العين، ويجذب النفس. ولكن سرعان ما يذوى هذا الجمال بعد أن يستحير الشباب ويستكمل الجسم نموه. وطبيعة الجو تؤثر على طبيعة الصدر قبل الأوان، فترتخي هيئته وتستوي أجزاءه؛ بينما يحتفظ الوجه بكل فتنته. وبالرغم من أن تراخي الزمن لا يذهب رواءهن، فإن كثيرات منهن متى بلغن الأربعين يصبحن، ولو كن جميلات في شبابهن، قبيحات الصورة كريهات المنظر. وأنوثة المصريات يبدأ نموها عند التاسعة أو العاشرة تقريباً؛ فتبلغ عنفوانها في الخامسة عشرة أو السادسة عشرة. ويلاحظ أن سحن النساء كسحن الرجال؛ إلا أن الشمس لاحتجابهن لا تسفعهن، ويمتزن بمحياهن البيضى الجميل، وقد يعرُض في بعضهن. أما العيون فدعجاء، نجلاء، لوزية الشكل، وطفاء الأهداب، تفيض وداعة تملك النفوس، وسحراً يسبي القلوب، ولم أر فيما رأيت عيوناً أجمل من العيون المصرية. ويزيدها جاذبية احتجاب الملامح بالنقاب. وتأثيرها في النفوس يزيده كحل الجفون كما ترى في شكل ١٧. والكحل سناج اللبان العطري المحروق. ويصنع أيضاً من سناج قشر اللوز. وهذان النوعان مع الاعتقاد بفائدتهما للعين يستعملان للزينة فقط. إلا أن هناك أنواعاً أخرى تستعمل لخواصها الطبية الحقيقية، وأخصها مسحوق الرصاص، المضاف إليه العنزروت وعرق الذهب وسكر النبات ومسحوق الذهب البندقي، وأحياناً مسحوق اللآلئ ويقال إن الأثمد كان يستعمل قبلاً لتكحيل أصول الأهداب. وتكحل العين بمِرْود صغير من الخشب أو العاج أو الفضة، دقيق الطرف كليل الحد، يبلّ أحياناً بماء الورد ثم يغمس في المسحوق ويمرر بين الجفنين. والوعاء الزجاجي الذي يوضع فيه الكحل يسمى (مُكْحَلة) كما ترى في شكل ١٨.
وعادة التكحل كانت شائعة بين الجنسين في مصر القديمة؛ وهي ظاهرة في نقوش المعبد والمقابر المصرية ورسومها. وكثيراً ما أكتشف في المقابر القديمة مكاحل فيها آثار الكحل ومراودها، (شكل ١٩).
ولكن طريقة التكحل القديمة تختلف بعض الاختلاف عن الطريقة الحديثة كما ترى في شكل ٢٠. وقد رأيت في ضواحي القاهرة نساء يكحلن أعينهن على الطريقة القديمة، ولم أصادف ذلك إلا مرتين.