وهذه الطريقة نفسها كانت شائعة في عقائل الإغريق ونساء اليهود في قديم الزمن. وعين المصرية على الجملة أجمل ما في وجهها. ويلاحظ أن جمال الملامح في المصريات أقل من جمال الهيئة؛ ولكني بصرت بوجوه يميزها نوع من الحسن ينم عن حلاوة العذوبة ويعبر عن فتنة الأنوثة؛ فيأخذ بمجامع القلب إلى حد ينكر الإنسان وقتاً ما أن الله لم يخلق للمصريات مثيلات في أي بلد آخر. والقليل من النساء يسفرن أمام الغريب مدفوعات إلى ذلك بالرغبة في إظهار جمالهن وإن ادعين غير ذلك. ومن ثم لا يستطيع الأجنبي أن يبنى رأياً صحيحاً من هؤلاء النسوة. ولكن مثل هذه العيون لا يمكن أن تخلق إلا في الوجه الحسن ولو كانت تقاطيعه متوسطة الجمال؛ أما الأنف فمستقيم القنا؛ والشفاه أغلظ من شفاه الرجال دون أن تصل إلى غلظة شفاه الزنوج؛ غير أن الفم وغيره من قسمات الوجه تقرب من الجنس الحبشي. وأما الشعر فهو من ذلك الأسود الحالك المصقول الذي يناسب السحن كلها غير السحنة البيضاء، وقد يكون غليظاً بعض الشيء، ذا حلق من دون تجعيد. ويخضب نساء الطبقات الراقية والوسطى والكثير من الفقيرات أيديهن وأقدامهن بأوراق الحناء، فتكتسب أطرافهن لوناً أحمر مشرباً بالصفرة، أو برتقالياً قاتماً. والكثيرات منهن لا يصبغن غير أظافر الأصابع، وبعضهن لا يتعدين عقود الأنامل، والبعض الآخر يرسمن خطأ على وصف العقود التالية؛ وغير ذلك من الأشكال الغريبة الأخرى. إلا أن الطريقة الغالبة هي تخضيب أطراف الأيدي والأرجل حتى المفاصل الأولى، وكذلك راحة الكف وبطن القدم؛ وأحياناً يضاف خط بجانب المفاصل الوسطى وآخر فوق أصابع القدم بقليل، والخضاب يكون بسحق أوراق الحناء وعجنها بالماء، ثم تبسط على راحة الكف وأجزاء اليد الأخرى، ثم تثنى الأصابع وتقبض اليد، وتربط برباط من الكتان ليلة بطولها؛ وكذلك القدم. ولا ينصل الخضاب إلا بعد أيام، فيجدد كل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع. وعادة الخضاب ليست قاصرة على مصر، بل تتعداها إلى بلدان الشرق التي يمونها شاطئ النيل بالحناء.
والحناء على الأظافر تكون أكثر لمعاناً وأشد صفاء وأطول بقاء. كما أن تخضيبها أو تخضيب الأصابع يعتبر بحق زينة للنساء، إذ يحسن لون البشرة ويكسبه رقة. بيْد أن بعض النساء يعمدن إلى طرق لا يستسيغها الذوق الأوربي، فيُعقبن الحناء بمعجون من