للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أقصى المحيط الشرقي؛ فهل تجد مع ذلك جندياً في البر أو في البحر أو في الجو يزعم أن نصيبه الموفور من الطعام والشراب والفاكهة والخمر والحلوى والعتاد والسلاح والذخيرة لم يدركه في موعده الموقوت على أكمل نظام وأعدل قسمة؟ وهل كان هذا العمل المعجز ممكناً لو لم يكن بازائه خلق يعين على قضاء الحق، وضمير يحث على أداء الواجب؟

قال الأستاذ علي: وهل عطل الأنظمة، وعوق الإصلاح، وأوهن العلائق، وشتت الوحدة، وأشاع البؤس، غير فساد الأخلاق؟ إن ما أصابنا من نكد العيش وذل النفس وحبوط العمل، نتيجة محتومة لما أصابنا من فحش الجور وقبح الأثرة وسخف الذمة (ولو يؤاخذ الله الناسَ بظلمهم ما تركَ عليها من دابة). فقال الأستاذ توحيد: إن التعبير هنا بالدابة من معجزات البلاغة القرآنية؛ فإن الناس إذا زاغوا عن طريق العدل، وخرجوا على منطق العقل، لا يصدق عليهم غير هذا اللفظ.

وعادت الريح الباردة تهب هبوب الخلق الشموس فقطعت الحديث، وقوضت المجلس، وأنذرت القوم أن يهجروا الكافورة حتى يعود الربيع.

المنصورة في ١٨٩١٩٤١

أحمد حسن الزيات

<<  <  ج:
ص:  >  >>