للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الجواب المحذوف

في الأسئلة التي وجهتها إلى الدكتور الجمالي سؤال يقول: ما هي الشخصيات التي ظفرت بإعجابكم؟ وما الشمائل الأصلية لتلك الشخصيات؟

وأجاب الدكتور الجمالي عن هذا السؤال بصفحة كاملة، ثم عاد فخلط بياضها بسوادها فلم أتبين منها غير أشباح، وإن كان تفضل فأبقى العبارة الخاصة بأحد الرجال. وقد سألته عن السبب في حذف هذا الجواب فاعتذر بأنه قد يعرضه إلى محرجات.

وأجهدت عيني في تعرف تلك الأسماء فلم أهتد إلا إلى سمات خطية عرفت منها أسماء: السنهوري وغربال ومشرفة وجوهر والقباني وفهيم.

وكان قبل ذلك حدثني عن إعجابه بالدكتور سليمان عزمي والأستاذ علي بدوي.

وللدكتور الجمالي الحق كل الحق في أن يسكت عمن عرف في مصر من الرجال، فلكل رجل في مصر خصائص تتعب من يهمه التحدث عنها بإيجاز أو إطناب. وغني مصر بالرجال لا يحتاج إلى بيان، والذي يتصل بمصر وهو في مثل ذكاء الدكتور الجمالي وإخلاصه لا يستطيع النجاة من الفتون بما لرجالها من رجاحة العقل، ونفاذ البصيرة، وقوة اليقين.

أما إعجاب المصريين بالدكتور الجمالي فهو إعجاب صادق، وقد أطلعوه على دقائق النهضة العلمية والأدبية والفنية والاجتماعية. وتفردت أنا بإطلاعه على دقائق الحياة الشعبية، وذلك جانب يراه بعض الناس من المبتذلات وأراه من الطرائف، فما في مصر بقعة إلا وهي مصدر وحي أو مبعث خيال.

زرت مع الدكتور الجمالي أكثر الأحياء الوطنية، الأحياء التي نبت فيها آباؤنا وأجدادنا قبل أن يعرفوا المدينة الغربية، الأحياء التي أوحت ما أوحت من فنون الرأي والعبقرية، زرت معه (حي الخليفة) الذي نشأ فيه مصطفى كامل، وهو حي تغلب عليه البداوة ولكنه مزود بقوة الروح، وفي رحابه نشأ كثير من جنودنا الأبطال.

والأخوة التي بيني وبين الدكتور الجمالي فرضت عليه أن يرى مصر بعيني، مصر التي لم يخلق مثلها في البلاد، مصر التي ولد فيها موسى، ونشأ بها عيسى، وصاهرها محمد، وهم صفوة الأنبياء.

<<  <  ج:
ص:  >  >>