بأسلوبه الناعم:(يابا. . . هذا يتبارك به) يعني أن شاباً مثله يطلب العلم ويؤم مجالسه ويستهدي الطريق إلى الله، أهل لأن يتبرك به أمثال ذلك الثقيل الذين (قطعوا الطريق) إلى الله بغلظتهم وغباوة قلوبهم.
والشرط الرابع هو أن يعلم الواعظون أنه ليس في الإسلام طبقة هي أولى بالله من طبقة، وليس بين العبد وربه وسيط، وأن الإسلام ليس فيه (رجال إكليروس)، فإذا علموا ذلك اقتصدوا في تكفير الناس لأتفه الأسباب، وراجعوا الآثار الواردة ليعلموا حقيقة الكفر والإيمان، فلا يرمون بالكفر كل من خالفهم في رأي أو ناقشهم في مسألة قد يكون لها وجوه، ولا يصدرون مثل الكتاب الذي أصدره منذ بضع سنين عالم معروف في دمشق - كان أصدره قبله بأكثر من عشر سنين كتاباً آخر - كفر فيهما كل من يقول بحركة الأرض، وكفر الشيخ محمد عبده والسيد رشيد باشا رضا؛ ورد أشنع الرد على ابن حزم والشيخ محمد بخيت المطيعي، رحم الله الجميع. وأخذ بقوله بعض خطباء المساجد فكفروا على المنابر من يقول إن الأرض دائرة حول الشمس. ولا نسمع أحداً يجعل قيامك للضيف يدخل عليك كالسجود له سواء حكمهما، لأن كلا منهما (على دعواه) من أركان الصلاة استويا في ذلك. ونسى أن القعود أيضاً من أركان الصلاة، أفيحرم قعودك بين يدي صديقك أو أستاذك؟؟
والخطابة يوم الجمعة من أكبر أبواب الوعظ، فإذا صلحت صلح بصلاحها فساد الأمة، وإن فسدت أفسدت. فمتى يتم تنظيم الخطابة، بحيث يختار لها الكفو العالم ويعدل عن طريق الوراثة فيها، فلا تنتقل بعد الخطيب إلى ابنه الصغير الذي لا يدري ما يكون منشؤه ومرباه، ويقام له وكيل رسمي؛ بل يعلن عن الخطابة الحالية، ويجعل بين الطالبين سباق وامتحان، ثم ينتقي أقدرهم عليها وأصلحهم لها. ولو كانت وراثة لورثها أبو بكر ابنه ولدفعها عمر إلى ولده. فمن أين جئتم بهذه القاعدة الواهية؟
فإذا تم الاختيار على ما ترتضي المصلحة الإسلامية، أخذ الخطيب بنوع رقابة أو إشراف يمسكه أن يحيد فيختار من الموضوعات ما يؤذي المسلمين، أو يكون فيه منفعة للخطيب شخصية، ويجعله ينتقي أقرب الموضوعات لأحداث الأسبوع، فيبين فيها حكم الله، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، بشرط أن يقوم بهذه الرقابة العلماء أنفسهم، وألا تمنع إلا ما