- إن الآلهة يا فتاتي الصغيرة بعيدة عنك الآن أكثر مما أنا بعيد عنك بكثير ولو كانت على مقربة منك لما منعتني من إبداء إعجابي بجمالك وسحرك، لأنها تفخر بوجهك الصبوح وتزدهي وتعلم أنه تحفتها الرائعة
- صه أيها الراعي صه! إليك عني. لقد حظرت أمي عليَ الإصغاء إلى أقوال الرجال. إني في هذا المكان أرعى نعاجي الكثيرة الصوف وأحافظ عليها إلى أن تتضيف الشمس ثم تأوي إلى مرقدها. يجب عليَ ألا أصغي إلى أصوات الفتيان الذين يمرون بهذا الطريق، مع أنسام المساء والغبار المتطاير
- ولم ذلك؟
- لست أدري السبب، غير أن أمي تعرفه بدلاً مني. . . لم يمض بعد ثلاثة عشر عاماً على ولادتها إياي فوق سريرها المصنوع من ورق الشجر، وسأكون عاقة لها إذا لم أصدع بكل ما تأمرني به
- لم تفهمي يا فتاتي مقصد أمك الرءوم. . . إن أمك طيبة عاقلة، حسناء محترمة. . . لقد حدثتك إذ حدثتك عن البرابرة الذي يجوبون الحقول والأرياف وهم يحملون المجان في يسراهم والسيوف في يمناهم. . . هؤلاء يا فتاتي يستطيعون إيذاءك لأنك ضعيفة وهم أقوياء. . . لقد قتل هؤلاء الأشرار في المدن التي احتلوها خلال الحروب البغيضة كثيراً من العذارى الحسان اللواتي يضاهي جمالهن جمالك. ولئن عثروا بك في طريقهم فلن يشفقوا عليك. . . أما أنا فأي أذى أستطيع إلحاقه بك، ولست أحمل سوى جلد الخروف على كتفيَ، وهذه العصا في يدي. . . انظري إلى ملياً. . . أمخيف أنا إلى هذا الحد؟. . .
- لا أيها الراعي. . . لست مخيفاً. . . إن ألفاظك عذبة ناعمة، لذا يمكنني أن أصغي إليها طويلاً؛ ولكنهم حدثوني فقالوا: إن أعذب الكلام وأحلاه أكثره إمعاناً في الغدر والخداع، وذلك حين يغمغم به شاب في أذني واحدة منا نحن الفتيات. . .