للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن سبيل النجاح سبيل واضح لا يخطئه النظر الصائب والاستعداد الصادق. فإذا رمت السير فيه غير مرفوع الرأس موفور الثقة بالنفس، فأحر بك أن تجدك في آخر الطريق أو موطئا للإقدام. ان الزحام على طيبات الحياة لا يدعك تسير في رفق وعلى مهل. وخجلك الذي تخجل واستكانتك التي تستكين، ليس لهما إلا نتيجة واحدة تعرفها لاشك تمام المعرفة. وهي لا ريب الحرمان والخيبة على حين قد تكون وأنت المحروم اكثر الناس استعداداً وأحقهم بالفوز تقول كتابة فرنسية: ما من حياة إلا ويمكن ان تكون ضررا على حياة أخرى أو اكثر. فإذا صدقت كاتبتنا فيما تقول - وما أخالها إلا صادقة - فما معنى ذلك؟ معناه أن نجاحك في سعي أو سبقك إلى غاية هو في الواقع حرمان لواحد أو اكثر ممن عداك. فهو - لذلك - مدفوع بغريزته إلى مزاحمتك وإقامة العراقيل في وجهك ليصرفك عن النجاح في هذا المسعى أو السبق إلى تلك الغاية. وهو غالبا لا يكتفي بان يوقفك حيث أنت بل تراه لا يحجم ولا يتجمجم أن يدفعك خطوة أو خطوات إلى الوراء، فذلك اضمن لفوزه واكفل بنجاحه.

ونحن لا ندعو إلى إطراح الخجل أو المزاحمة بالمناكب لنقف عند هذا الحد من تقوية الأنانية الفردية واحتجان معظم الخير للنفس. ولكن يقيننا الذي لا يتسرب إليه الشك هو إن من احسن نيل الحق خاص وأجاد في مدافعة الأخصام عنه يحسن أيضا المدافعة عن حق عام والمزاحمة في نصرته. والمرء في أمم الغرب العريقة يزج في أتون من الخصام العنيف والنضال الشديد فما يزال ينحي ويذود عن نصيبه الموموق وحقه المشروع حتى يناله. فإذا دعا داعي النصيحة العامة والبذل المطلق كان صاحبنا هذا في أول الملبين وطليعة المستجيبين. وما ذلك إلا إن فضائل الصبر والاحتمال يصيبها المرء من هذا النضال مضافا إليها استشعاره الرضى كل الرضى عن هذا البلد الذي يظلله ويهيئ له من فرص النجاح على قدر استعداده، هي مما يحبب إليه هذا البلد ويدعوه إلى المسارعة في البذل له والتضحية من اجله وليس من باب المصادفة المحضة أن تجد الإنكليزي اكثر الخلق مطالبة بحق خاص، وأكثرهم في ذات الوقت مطالبة بحق عام.

ثم لا تحسبن انتفاء الحياء والخجل يولد الغرور ويشجع على القحة كما قد يتبادر إلى الذهن. والصواب أن نقول: إن انتفاء الحياء بالمعنى الذي أردت هو قتل للغرور

<<  <  ج:
ص:  >  >>