للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

سيطرة روحية لن يظفروا بمثلها إلا إن تخلقوا بأخلاق ذلك الزعيم الحصيف

العربي الصحيح النسب إلى يعرب قليل الوجود، وهو حين يوجد لا يكون إلا جسداً هامداً لا نفع فيه ولا غناء، لأن التزاوج بين الأجناس شريعة طبيعية، ولا يخرج على تلك الشريعة إلا من كتب عليهم الأفول

إن نبيكم صاهر أمماً لا تمت إلى العروبة بجنس ولا دين، فهل تتوهمون أنكم أهدى منه إلى سواء السبيل؟

اتقوا الله في أنفسكم وفي ماضيكم، وتمسّكوا بشمائل ذلك الرسول لتفوزوا كما فاز أسلافكم الماجدون، واتقوا حاضركم فتناً لا يتعرض لشرها إلا الجهلاء والأغبياء

العروبة لغة لا جنس، فافهموا هذه الحقيقة يا بني آدم من أهل هذا الجيل

أما العقبة الثانية في طريق الوحدة العربية، فهي عقبة الدين؛ فقد توهم قوم أن العروبة والإسلام شيء واحد، وبذلك كثر ارتيابهم في صحة الأخوة العربية، حين يتصل بها ناس من غير المسلمين.

والحق كل الحق أن العروبة والإسلام شيء واحد، على شرط أن نفهم المراد الصحيح لهذا التعبير المريب

الإسلام هو أصدق أثر صدر عن العرب، ولولا الإسلام لبادت لغة العرب منذ أزمان طوال وإذن، فمن واجب العرب من غير المسلمين أن ينظروا إلى الإسلام بعين الرفق والعطف لأنه صوتهم وصوت آباءهم وأجدادهم فيما غبر من الأجيال، وإن لم تأنس آذانهم بذلك الصوت الجميل بفضل تناحر المذاهب والديانات، وهو تناحر لن يقدر على طمر ذلك الينبوع الفياض ذلك واجب العرب من غير المسلمين، فما واجب العرب من المسلمين؟

واجبهم أن يفهموا أن النصرانية واليهودية ديانتان عربيتان. وهل نكون أعقل وأحكم من النبي محمد وقد نظر إليهما بعين الإعزاز والتبجيل، ولم يحارب غير من شوهوا النصرانية واليهودية بالتزوير والتحريف؟

للإسلام والنصرانية واليهودية مسرح واحد هو بلاد العرب؛ وهذه الديانات هي سلطاننا الأدبي في الشرق والغرب؛ وهي حجتنا يوم تطلب الحجج على تفوق بعض الشعوب على بعض. ولعل هذا هو السبب في أن أكابر المسلمين في العصور الخوالي لم يفّهم أن يدونوا

<<  <  ج:
ص:  >  >>