للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ما في التوراة والإنجيل من حكم وأمثال

إن من المعجزات أن تكون أعظم الديانات المسيطرة على العالم ديانات عربية الأصل، فمن طاب له أن يغمز إحدى هذه الديانات فهو عربي مدخول، لأنه لا يعرف أثرها في التنويه بمجد العرب في العالمين

الرأي عندي أن الروحانية العربية تطورت من حال إلى أحوال فانتقلت من الموسوية إلى العيسوية ثم إلى المحمدية. فهي قد تغيرت في الفروع، مع الاحتفاظ بالأصول. والأصل الأصيل عندنا وعندهم هو التوحيد، والتثليث الذي أنكره القرآن على النصارى لم يكن إلا صورة حرفية من صور الإغراق الذي أولع به بعض أنصار المسيح، وهو إغراق ينكره النصارى المستنيرون في هذا الزمان

إن القرآن يلاطف مخاصميه فيقول: (إنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين)

وعقيدة التثليث لم توجد بعد عدم، فهي في الأصل عقيدة مصرية، وعلى ذلك تكون جزءاً من ماضينا، ونحن لن نتنكر لأجدادنا أبداً وإن قيل في عقائدهم ما قيل

ثم أثب إلى الغرض الذي أرمي إيه فأقول: إن الإسلام يحكم بالكفر الموبق على من يمس شخصية موسى أو عيسى بسوء؛ فمتى ننتظر أن تكون شخصية محمد شخصية قدسية في البيئات المسيحية والإسرائيلية؟ متى؟ متى؟ ومحمد أوصى أصحابه بأن ينظروا إلى موسى وعيسى بعيون لا ترى غير الجميل

وخلاصة القول أن اختلاف الديانات لن يعوق الأخوة العربية إذا صحت النيات، لأنه اختلاف أراده صاحب العزة والجبروت، وله في إيقاظ الحيوية العربية تاريخ أو تواريخ

قد يصير العرب جميعاً إلى دين واحد بعد جيل أو جيلين أو أجيال، فليكن لهم منذ اليوم أدب واحد هو التآخي الصحيح؛ فمن المؤكد أن المسلمين لن يسمحوا بهدم كنيسة أو كنيس إن تمّ لهم الفوز المطلق، لأن معابد النصارى واليهود عنصر أصيل من عناصر الروحانية العربية، ومن قال بغير ذلك فهو آثم في حق (الوحدة العربية) وهي فكرة دعا إليها نصارى الشام والعراق قبل أن يدعو إليها المسلمون، ولذلك أسباب فصلتها قبل اليوم بإسهاب

قيل ألف مرة: (إن الدين لله والوطن للجميع) ولو تدبرتم لعرفتم أن الدين لنا أيضاً، والله لا ينظر إلى الصور ولا إلى الأعمال، وإنما ينظر إلى القلوب

<<  <  ج:
ص:  >  >>