هائماً على وجهه لا يلوي على شيء إلا ما عساه أن يظفر منه بمرتزق جديد، فلا يصيب من ملتمسه إلا ما يتبلغ به
ولقد قدر لي لعهد غير بعيد أن أجتمع به ثانية في قطر أجنبي حيث كان يبحث عن مرتزق ثابت وعيش مأمون. ويا له من شأن لا أقضي من نبله العجب أن أراه وما تبدر لي منه بادرة آنس منها انه ارتاب يوماً في عدالة منهجه أو أنه أصبح في شك من صواب رأيه فاتهم نفسه في صدق اختياره
يا لها من أمنية طيبة أن أراه في مستقبل العمر وقد اعتذر له الدهر عن خطيئته ووافاه الزمن بجزائه العادل؟
إن منهج هذا الصحفي الحر ومنهج غيره من الصحفيين الذين لا يقلون عنه تضحية ولا إقداماً لما يجعل سلوك هؤلاء الصحفيين، من غير جماعة النازي، اللذين استكانوا وأبرموا الميثاق على كره منهم ومنهجاً مهيناً قدراً. ألم يصبحوا مجرد أداة لا وزن لها ولا تقدير لمجهوداتها؟ ألم يمسوا مجرد أبواق للدعاية التي هي من صميم كيان الحكومة النازية الاستبدادية؟ ألم يقتصر أمرهم في التحرير على أن يستخدموا ما توفر لهم من كتابة وما تهيأ لهم من مواهب في تنظيم ما يتلقونه من الدكتور (جيبلز) أو (قلم المخابرات السرية) من موضوعات يؤمرون بكتابتها ويجبرون على إذاعتها؟ ألم يهيئوا لهم طابعاً رسمياً من ثياب عسكرية ليكون ذلك شاهداً على استرقاقهم وآية على عبوديتهم؟ أيظل هؤلاء صحفيين بما تحمله كلمة الصحافة من معنى، أم صاروا وقد جمدت قريحتهم وسقم وجدانهم تبعاً مستضعفين وعبدة مستعبدين؟
إن الجواب على ذلك مدرج في مسائل أخرى أبعد مدى وهدياً إذا كانت الصحافة المقيدة المستعبدة تعتبر صحافة أصلاً بما تحمله كلمة الصحافة من معنى، وإذا كانت الأمم الاستبدادية تفسح للصحافيين في ميادينها مكانة كتلك المكانة التي يعرفها الناس لها في الأمم الحرة
إن (الصحافة) الألمانية أداة حكومية خصت بأن تلعب الدور المنوط بها وفقاً للأسلوب النازي وتبعاً لوجهة النظر النازية في طبيعة الأمور، وأولئك الذين يعنون بحرية الصحافة البريطانية كمظهر من مظاهر الحرية السياسية البريطانية على العموم يجب أن يفهموا