للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

النازية أن تنشئ نشأً جديداً. وإن رسالة الصحافة هي أن تطبعهم بالطابع الحقيقي) أو بعبارة هتلر: (إن الصحافة هي الوسيلة إلى تهيئة المجموع لأن يربي نفسه وأن يتثقف على ضوء ما يراه ويختطه الزعيم الذي يقود الدولة) ولقد أدلى بهذه الآراء الدكتور (جيبلز) الذي اقتبس عنه الهر (ولدكرش) مؤيداً نظره ومستصوباً رأيه. فصرح بأن ما يسمح به من رخص للكتاب مقيد بذلك الالتزام الماثل في أن تكون وقفاً على خدمة الدولة

والذي يخلص من أمر هذه الحقائق ومن سائر الحقائق الأخرى الملموسة هو أن جماع ما يتصور للصحافة من حرية، بل وما يظن للفرد نفسه من حرية، قد حذف من منحى السياسة الألمانية؛ فلم تعد الصحافة الألمانية قادرة على أن تكون عنصراً من عناصر التعبير عن (الرأي العام)، إذ فرضوا عليها أن تطبع في رءوس الجمهور ما جرى به قضاء زعيم الدولة أن يكون موضع التفكير العام. وكم يحتاج الأمر في بريطانيا - وفي البلاد الأخرى التي لا زالت الصحافة فيها تنعم من حريتها بمثل ما تنعم به في إنجلترا - من جهود عقلية للإحاطة بكامل ما انطوت عليه تلك الثورة من معنى، ولإدراك أن ما للصحافة المستعبدة (المتماثلة في الدرجة والأسلوب) من قوة، لأكثر مثولاً فيما تكف عن قوله أو لا تجترئ على نشره منه فيما يتسنى لها نشره أو يطيب لها إثباته وإبرامه

ولو أن الأمور المؤكدة قد تصبح موضع ريبة ومبعث شك إذا لم تؤيدها الحقائق المماثلة في طبيعة الأشياء أو ينهض الدليل بحجتها، إلا أن ما صادف الحقائق التي لها أثرها في تهيئة عقول الأفراد وتكوين آرائهم من ضياع أو تشويه، قد صيغ بأسلوب ماكر قوي، من شأنه أن يعطل النقد وأن يحول دون نمو الآراء المعارضة

وبهذه الطريقة امتدت عملية (الأسلوب الواحد) الإجبارية - التي خضعت لها الصحف الألمانية منذ عام ١٩٣٣ - إلى الشعب بأسره، وكان ذلك من طريق تشويه الصحف للحقائق كما كان ذلك من طريق ما طبعته في رؤوس قرائها في أوامر الزعيم ونواهيه

ولقد صار من مقتضيات التعامل مع ألمانيا - كما هو الحال مع الأمم الأخرى المحكومة حكماً استبدادياً - أن أصبح رجال السياسة والصحافة في الأمم الحرة يواجهون في الشؤون الدولية حالة لم يسبق لها مثيل، فقد تغير بين الدول مقياس الصلات السياسية والعقلية، ولم يعد هناك تكافؤ في تبادل الآراء العامة بين الأمم المحكومة حكماً استبداديّاً والأمم التي لا

<<  <  ج:
ص:  >  >>