بغيرها من مباني العاصمة العامة سنوياً طربوشاً وقطعة من الموصلي الأبيض للعمامة وقطعة من الكتان وحذاء. كذلك يتناول كل ولد طاقية من الكتان وقطعة من نسيج القطن طولها أربعة أذرع بلدية أو خمسة، وقد يأخذون نصف ثوب من الكتان مقداره ١٠ أو ١٢ ذراعاً بلدياً وحذاء، وأحياناً يعطون قرشاً أو نصف قرش؛ وهذه الخلع تؤخذ من أموال موقوفة على المدرسة وتقدم في شهر رمضان. ولا يحضر الأولاد إلا ساعات الدرس ثم ينصرفون إلى منازلهم. ويكتب الدرس عادة على ألواح من الخشب المصبوغ بالأبيض، تمسح بعد كل درس ويكتب عليها الدرس الجديد. وتعّلم الكتابة أيضاً على اللوح نفسه. والعادة أن يجلس المدرس وتلاميذه على الأرض وكل تلميذ بيده لوحه أو نسخة من القرآن، أو جزء من أجزائه الثلاثين، توضع على كرسي من الجريد، ويلقي الأولاد جميعهم درس القراءة أو ينشدونه بصوت واحد عال، هازين رؤوسهم وأجسامهم هزاً لا ينقطع إماماً وخلفاً؛ وكذلك أغلب قراء القرآن يتبعون تلك العادة ظناً أنها تساعد على التذكر، وليتصور القارئ أي ضجة يحدثونها.
وأول ما يتعلم الأولاد حروف الهجاء، الشكل، ثم يتعلمون القيمة العددية لكل حرف من حروف الهجاء. وقد جرت العادة قبل وصول التلميذ إلى تلك المرحلة الثالثة في تعليمه أن يزين المدرس اللوح بالحبر الأسود والأبيض والصبغ الأخضر، ثم يكتب حروف الهجاء بترتيبها العددي ويرسلها إلى والد التلميذ، فيعيدها هذا إليه وعليها قرش أو قرشان. وهكذا يكرر ذلك في مراحل التعليم اللاحقة، وفي كل مرة يكتب الدرس التالي على اللوح. وعندما يحفظ الولد القيمة العددية لحروف الهجاء يتمرن على قراءة الكلمات السهلة، مثل أسماء الرجال، ثم صفات الله التسع والتسعين، وبعد ذلك يحفظ الفاتحة فيكررها حتى يعيها تماماً، ثم يشرح في حفظ السور الأخرى. ويندر أن يتعلم الأولاد الكتابة إلا عندما يخصصون لبعض الوظائف التي تتطلب معرفتها. وفي هذه الحالة يتعلمون الكتابة والحساب كذلك على يد (قباني، وهو الشخص المنوط به وزن البضائع في السوق على القبان. أما الذين يسلكون أنفسهم في النظام الديني أو في أي مهنة علمية فيتبع غالبهم تعليماً منتظماً في الجامع الأزهر
وأغلب معلمي الكتاتيب قليلو العلم والاطلاع. والقليل منهم من تتعدى معرفته القرآن