للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما الكلمة التي نقلها المترجم عن الكاتبة (ربيكا) في الأدب الإنجليزي الحديث فهي من أدق وأوفى الدراسات التي كتبتها هذه الأديبة العظيمة فقد اشتغلت بالتأليف الأدبي مدى ثلاثين عاماً، وحسبنا هذا ثقة بآرائها في الأدب المعاصر

وقد وفق علي محمود طه في ترجمة قصيدة شلي ودي فيني وقصائد ماسفليد وسيتول و (فنست ملاي) توفيقاً عظيماً وخاصة في الثلاث قصائد الأخيرة فإنه يبلغ الذروة في الدقة والرقة والقوة أما قصيدته في قبرة شلي فقد جمعت كل ما سكبه قلب الشاعر الإنجليزي العظيم من الحلاوة والحرارة والصفاء وكل ما جادت به شاعرية المترجم من فنون التصوير والغناء وسعة الخيال وحسن الأداء، ولقد قدم المترجم لقصيدتي شلي ودي فيني بكلمتين عن الشاعرين ولم يصنع ذلك في بقية القصائد، ولو كان صنع ذلك لحمدنا له صنعه

وما أحسب أن الملاح التائه قد أهمل عن عمد تعريفنا بملاح غير تائه هو جون ماسفيلد شاعر العرش البريطاني الذي بدأ حياته ملاحاً صغيراً يعمل في البحر وهو في الرابعة عشرة من عمره

أما القسم الأخير من كتاب أرواح شاردة، فأنا شديد الإعجاب به، مفتون بالصور التي رسمها المؤلف لرحلاته في أوربا، مشغوف بالحوار الذي أجراه علي محمود طه على ألسنة الأشخاص اللذين التقى بهم في طريقه؛ فليست هذه المقالات مجرد وصف وتزويق من الخيال، بل هي ضلال وأضواء من الفن والعلم والأدب محتفلة بالرشاقة والعذوبة وخفة الروح، ممثلة لهذه العناصر أبدع تمثيل، كأقدر كتاب الأقصوصة، حتى لتشيع فينا ألواناً من الطرب الروحي ساعة من زمن أو لحظة من وقت كما يشيع إشراق الكأس المترعة طرب الّشرب ومرح الندمان؛ وحبذا لو أتحفنا علي محمود طه بكتاب يفرده لهذه الذكريات مضيفاً إليها ما أظنه لم يجد وقتاً لكتابته أو بالنسبة لحجم كتابه (أرواح شاردة)

أما القصيدة التي ختم بها المؤلف كتابه والتي أنشأها في محنة باريس وطلعت بها (مجلة الرسالة) على العالم العربي، فهي مثال من الحسرة والعبرة التي عرفناها في شعر شوقي في مثل هذه المناسبات!

فليهنأ عالم الأدب بمّلاحنا التائه، وليهنأ هو بأرواحه الشاردة

<<  <  ج:
ص:  >  >>