وأتمنى أن يوجد عندنا الناظر الذي يشعر بالأبوة للتلاميذ والأخوَّة للمدرسين.
بأيديكم أيها النظار والمدرسون أن تخلقوا في الجو المدرسيّ روحانية تعوّض ما يفوتكم من المناصب المحفوفة بالبريق الخلاب، فإن غفلتم عن هذا الجانب فستظلون في الاكتواء بالمهنة التي لا تسعد غير من يُقبل عليها بصدق وإخلاص.
أخطار تهدد المدارس الأهلية
للمدارس الأهلية تاريخ مجيد، فقد عاونت على نشر التعليم، وأمدت الأمة بجمهور كبير من المثقفين.
ولكن هذه المدارس معرَّضة لأخطار قد تأتي على بنيانها من الأساس، لا قدر الله ولا سمح، فلتلك المدارس على الأمة حقوق.
هذه المدارس لا تفكر في استبقاء المدرس، ولو وثقت به إلى أبعد الحدود، فهو عندها ضيف يرحل متى شاءت أو شاء، والرباط بينها وبينه عَقدٌ يُشترى بمليمين وتخط فيه كلمات عديمة المدلول، وإلا فكيف يجوز أن يبقى المدرس بلا علاوة ولا ترقية ولو أفنى شبابه في تلك المدارس؟
هل سمعتم أن مدرسة أهلية أغنت مدرسيها عن التطلع إلى الوظائف الأميرية؟
لبعض تلك المدارس عذر مقبول، كأن تكون قليلة المال، أو مثقلة بالديون، فما عذر المدارس التي أمدت أصحابها بالثراء العريض وجعلتهم من أعيان البلاد؟
ولو كان هذا المسلك ينفع تلك المدارس لقلنا إن لها غاية اقتصادية، ولكن هذا المسلك لا يجلب عليها غير الضر، ولا يسوق إليها غير البوار. وما قيمة مدرسة يشعر تلاميذها بأن أساتذتهم ليسوا إلا معلمين ضاقت عنهم المدارس الأميرية فلم يجدوا سعة في غير المدارس الأهلية؟
لو كان لأصحاب تلك المدارس نصيب من الفهم الصحيح لقواعد الاقتصاد لجعلوا من وسائلهم إلى الثرة أن ينافسوا الحكومة في تزويد مدارسهم بأكابر المدرسين، ويومئذ تشعر الحكومة بأن لها منافسين أقوياء، فيرتفع قدر المدرس، وترتفع أقدار المدارس، ويُنقض الوهم القائل بأن التعليم (مهنة بلا مجد)
وعند الله يحتسب المدرسون جهادهم في خدمة التربية والتعليم فهو عز شأنه لا يضيع أجر