اعتبرت الزراعة الألمانية كلها وحدة تامة منفصلة عن مناحي الإنتاج الأخرى ونظمت على أنها كذلك، وأصبح الإشراف تاماً على الإنتاج والتوزيع في كل مرحلة من مراحلهما من وقت وجود المحاصيل في يد الفلاح إلى وصولها إلى المستهلك. ويختلف مدى الإشراف على عمليات الزراعة كثيراً؛ ففي حالة الإنتاج يكون الإشراف غير مباشر عادة ويتم من طريق تنظيم الأسعار وإسداء النصائح للمزارعين والدعاية. أما التوزيع فيتم مباشرة غالباً. وليس هناك سعر أعلى أو أدنى يحصل عليه الزارع لقاء محصوله، ولكنه يحصل على سعر تضمنه الحكومة. وفي جميع المراحل التالية حتى وصول المحصول إلى المستهلك، يتخذ ثمن الإنتاج أساساً لتحديد السعر على أن يسمح بتاجر الجملة والتجزئة والصانع الخ بالحصول على ربح عن طريق وضع معدل نسبي لكل.
وفي خلال عامي ١٩٣٣ و ١٩٣٤، انتشلت أسعار المنتجات الزراعية من الوهدة التي كانت قد تردت فيها في سني الكساد. ثم ثبتت الأسعار إلى مستوى حقق في حينه عائداً مناسباً؛ بيد أن هذه الأسعار لم تعد تغل ربحا في عامي ١٩٣٦ و ١٩٣٧ بسبب ارتفاع تكاليف الزراعة وأسعار المنتجات الصناعية؛ وكانت الغاية من ذلك التحديد حماية الزارع من تقلبات الأثمان العادية للسوق، وتوفير أسباب الطمأنينة الاقتصادية له حتى يمكنه أن يتوفر على أداء واجبه في إمداد الشعب الألماني بمطالبه الغذائية الأساسية ولا سيما في وقت الحرب.
ولاعتبارات اجتماعية وسياسية وحربية نظر إلى الزارع نظرة خاصة. فعد جديراً بحماية الدولة ومساعدتها واعتبرت الزراعة طريقة للحياة لا وسيلة من وسائل عدة لاكتساب العيش. وأوحي إلى الزرّاع أنهم رمز نقاء العنصر الجرماني وقوته. ولقد توجت هذه الآراء المتطرفة بقانون الوراثة الزراعية الذي عمل على خلق عدد كبير من الملكيات الزراعية من الأب إلى الابن مجردة عن احتمال وقوعها في الرهن والدين في المستقبل.
القضاء على التعطل
أخذ الحزب النازي بعد أن تولى السلطة على نفسه عهداً أن يضمن لكل مواطن ألماني عملاً. ويتفرع عن اعتراف الدولة بحق كل فرد أن يجد عملاً، حق الدولة في إلزام كل فرد