داخل البلاد، ليعهد إليه القيام بأي عمل تعتبره الدولة ذا أهمية خاصة عاجلة بالنسبة أليها. وفي ظل هذا القانون نزع مئات الألوف من العمال من أعمالهم الأصلية بعد انتهاء حالة هذه الضرورة.
ومهما يكن من الأمر فواضح أن الدولة في ألمانيا تجمع في يديها الآن سلطات لا حد لها على عمالها، وهذه السلطات هي مما لا شك فيه حق من حقوق الدولة، ولكن مما يميز حالة ألمانية أنها استعملت في أوقات السلام منذ تسلم النازي أزمة الحكم، في حين أنها في غيرها من الدول لا يلتجأ إليها إلا في الأوقات الغير العادية. وهنا يتبادر إلى ذهننا السؤال الآتي: هل تبقى هذه السلطات في ألمانيا في المستقبل بعد الحرب، وبذلك يظل العامل الألماني مسلوب الحرية فاقد الإرادة في اختيار نوع ومكان العمل الذي يروقه؟ هذا سؤال نترك الرد عليه لما يأتي به الغد. على أنه يمكننا أن نقرر مستندين في ذلك على آراء الثقاة الذين زاروا ألمانيا قبل الحرب ودرسوا أحوالها، أن الحالة هناك وصلت إلى درجة التشبع فيما يختص بتشكيلات الدولة المالية، وأن إضافة شيء جديد منها إلى الموجد منها فعلاً أمر لن يقابل بالارتياح من لدن الرأي العام الألماني.
٥ - تحقيق الاستكفاء الاقتصادي
تحت ألمانية قبل الحرب نحو توفير المواد الغذائية والمواد الأولية في بلادها التي يكون طلبها غير مرن، أو التي تقطع عنها عند نشوب الحرب، أو كوسيلة للضغط الاقتصادي أو السياسي إذا تعرضت البلاد للانهيار. بيد أن ألمانيا لا تصبو إلا إلى تحقيق الاستكفاء الاقتصادي التام الذي ينتج عنه توقف تجارتها الخارجية، فما دامت لا تستورد فهي لا تصدر، إذ أن غاية ألمانيا من التجارة الخارجية زيادة صادراتها لتدفع بأثمانها ما تشتريه من الخارج.
أما فيما يختص بالمواد الأولية، فقد وجهت السياسة الاقتصادية نحو إحداث تغيير أساسي في أسس الصناعة من حيث اعتمادها على المواد الأولية النادرة الوجود في ألمانيا أو التي يلزم استيرادها من الخارج، بأن تستبدل بها مواد أخرى يمكن إنتاجها في ألمانيا بما يكفي حاجات الصناعات أو معظمها، أو مواد يمكن استيرادها من الأقطار المجاورة لألمانيا التي لن تشترك في الحرب طوعاً أو كرهاً. وتحقيقاً لذلك نرى المواد البديلة تأخذ مكان الحديد