للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مظاهر تنفيذ مشروع السنوات الأربع الثانية إذ أنه اتصل بحركة إنشاء المصانع الجديدة الخاصة بتحقيق الاستكفاء الاقتصادي للبلاد.

ولقد وجه إلى حركة إنشاء مسكن العمال ولا سيما التي تقوم على إنشائها المنشئات الصناعية كثير من أوجه النقد، إذ أن هذا من شأنه زيادة اعتماد العامل على مخدومه. والواقع أن خطة الدولة الألمانية تجاه عمالها ذات وجهين، فهي من جهة تجعل من العمال شبه أرقاء لا حول لهم ولا قوة، فترهقهم بالعمل وتحدد لهم أجورهم وساعات العمل ونوعه ومكانه كما تشاء وإذا بها من الجهة الأخرى تعتنق بعض الإصلاحات الاجتماعية التي يقوم بها المجتمع الرأسمالي اليوم.

ومن الخير أن تقرر أن طموح ألمانيا نحو هجرة صناعاتها من المدن الكبيرة ونقل العمال إلى الريف لم يتحقق إلا على نطاق ضيق وإن كان ما زال غرضاً نسعى لتحقيقه.

هذه هي المعالم الأساسية للنظام الاقتصادي النازي؛ وتلك هي الاتجاهات التي يسير فيها، يبدو من تقصيها مدى الفراغ الواسع الذي يفصل بينها وبين النظم الاقتصادية الحرة التي تسير عليها دول كبريطانيا العظمى ومصر وفرنسا والولايات المتحدة. وعلى الذين ينظرون إلى هذا النظام من حيث النتائج التي حققها من انتقاء التعطل من ألمانيا ونشاط جهازها الاقتصادي أن يستعرضوا الظروف التي أحالت بقيامه ثم وجوده، والأسباب التي عملت على وصوله إلى النتائج التي وصل إليها. وفي مكنة الدول الأخرى أن تستفيد من دراسته وأن تأخذ ببعض أساليبه التي حققت فوائد لألمانيا، على أن يلاحظ في تطبيق هذه النواحي أتم الحيطة والحذر، فألمانيا تخالف في روحها ونظمها وتقاليدها الشعوب الحرة الأخرى. فالأخذ بالنظام الاقتصادي الألماني وتطبيقه على علاته كما يبدو لبعض قصار النظر من الناس أمر لن ينتج منه سوى هدم كيان بلادهم وزعزعة نظمها الاقتصادية والاجتماعية وتعريضها للانهيار.

فؤاد محمد شبل

مفتش تموين إسكندرية

<<  <  ج:
ص:  >  >>