للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ومصر، وكذلك من طريق الغرب من صقلية وبلاد اليونان الكبرى في جنوب شبه جزيرة إيطاليا.

سار الشعب الأثيني وراء تيموستوكل واتبع نصائحه ونفذ إرشاداته وتوجيهاته ولكن إلى حين؛ ثم سحب بعد ذلك ثقته من هذا البطل ومنحها لخصومه زعماء الحزب الأرستقراطي، وكان من أبرزهم في ذلك الوقت أرسيتد الذي طالما ذكرنا اسمه وشخصية أخرى جديدة ظهرت إلى جانبه ثم حلت محله بعد ذلك في زعامة هذا الحزب، هي شخصية الشاب الأرستقراطي سيمون بن مليتاد بطل ماراتون. وكانت هذه الشخصيات الثلاث عبارة عن ثالوث يوجه شؤون الدولة ويدير دفتها في هذه الحقبة من التاريخ.

تتغلب هاتان الشخصيتان الأرستقراطيتان، أرستيد وسيمون، في عالم السياسة الأثينية بقدر ما تتواري شخصية تيموستوكل ويأفل نجمه، وتتفق هاتان الشخصيتان على السياسة الخارجية وهي تقضي بالانصراف إلى شؤون حلف ديلوس والاهتمام بأمره حتى يكمل تنظيمه فيستطيع حينئذ أن يحقق الغرض الذي من أجله أسس وهو الدفاع عن اليونان في بحر إيجه وفي غرب آسيا الصغرى ضد الفرس، وهما لا يترددان، في سبيل تنفيذ هذه السياسة عن الاتفاق مع إسبرطة وتقسيم مناطق النفوذ معها؛ فلها البر ولأثينا البحر. أما تيموستوكل فيقول بغير هذا، يقول بتوجيه الاهتمام إلى حلف ديلوس ولكن على أن يكون هذا الحلف هو القوة المسيطرة وحدها في بلاد اليونان جميعاً، فيجب أن تكون لأثينا السيادة في جميع أجزاء العالم اليوناني، وهو يعلم تمام العلم أنه لا يستطيع تنفيذ هذه السياسة وإسبرطة قائمة على رأس حلفها، لذلك نادى بضرورة الاتفاق مع الفرس حتى يكون لأثينا الغلبة والسيادة، وبذلك تغيرت سياسة تيموستوكل الخارجية تغيراً يكاد يكون تاماً بعد معركة سلامين. ألم نره ألد عدو للفرس وهو الشخص الذي كان روح المقاومة وبطل الاستقلال؟ ألم نره قد عمل على التوحيد بين اليونان جميعاً لصد الفرس وردهم عن البلاد؟ تغيرات إذن هذه السياسة، فلم هذا التغيير؟ الجواب على هذا السؤال بسيط لا يحتاج إلى كبير عناء، فتيموستوكل لا يفكر إلا في وطنه وفي مصلحة وطنه، ويكاد يكون هذا التفكير شاغله الأعظم، فهو يريد لأثينا الزعامة على بلاد اليونان كلها والسيادة في البر والبحر معاً، والآن وقد زال الخطر الفارسي لم يبق أمام وطنه إلا الخطر الإسبرطي، وقد اعتقد

<<  <  ج:
ص:  >  >>