(١٨١٧ - ١٨٨١ م) في القرن التاسع عشر للميلاد قال بارسلس وفي العالم الأصغر وهو الإنسان قوى بنائية روحية تقاوم الأرواح الخبيثة التي تكون في الخارج وتساعد على بناء الجسم ودوام اتصاله بالعالم الأكبر، وما العالمين سوى وحدة واحدة لا تتجزأ لذلك، فأنا للعالم والعالم أنا وقد سمى هذه المادة من كلمة اليونانية ومعناها المادة الأساسية أو الأساس. وكان الفيلسوف اليوناني أنا كسمندد قد استعملها لتدل على هذا المعنى والعلم الذي يبحث في هذه المادة هو أشرف العلوم؛ وحيث أن الطب هو العلم الباحث عنها، لذلك كان علم الطب هو أشرف العلوم طراً وقد شرفه حتى على علم اللاهوت.
ومن واجب الطبيب تنظيف هذه المادة مما قد يتعلق بها من الأرواح الخبيثة وذلك بواسطة العقاقير والأدوية المفيدة. وقد حضر الطبيب الفيلسوف قائمة بأسماء العقاقير والمشروبات المعدنية والأدوية السرية التي تنفع لمقاومة الأمراض النفسية والجسمية معاً. وما الأمراض في نظره سوى صراع بين ال وبين الأرواح الخبيثة والقوى الخارجية المحيطة بالإنسان
وبقدرة هذه العقاقير والمواد السحرية يستطيع الطبيب الذي هو اقرب مخلوق إلى الله من تنظيف الروح والجسد من السادران ومن رفع مستوى البشرية إلى مصاف الأرواح السماوية العليا، وبذلك يتم الاتصال بين (العقل الأول) أو (الروح) وبين العقل الثاني وهو الإنسان. ولذلك لهذه الفلسفة شهرة عظيمة بين رجال المتصرفة من الأوربيين ولا سيما الألمان منهم، فظهر حلاجهم وهو يعقوب وظهر فالنتين وأيكل وظهر أمثال لهذين المتصوفين ينادون بالفناء والاتحادية.
وبعد أن أتم بارسلس وضع قائمة عقاقيره السحرية أجج في ليلة عيد الغفران من عام ١٥١٧ ناراً عظيمة في حفل رهيب وتقدم في موكب يتبعه تلاميذه والمعجبون بآرائه يحمل بيديه (إنجيل الأطباء) وهو كتاب (القانون في الطب) لابن سينا (لوثر الأطباء) كما كانت أوربا تسميه وبعد خطبة وحفلة دينية مؤثرة ندد فيها بآراء ابن سينا وزعماء الطب من العرب اليونان، ألقى بكتاب القانون في النار معلنا بذلك دخول أوربا في عصر تفكيري جديد. ولكنه قوبل من الناس بازدراء عظيم واضطرت بلدية المدينة إلى إخراجه من المدينة (باذل) لتجاسره على كرمة أعظم طبيب عرفته العصور.
اجتمعت في بارسلس سذاجة القدماء وتفكير المحدثين. كان زمانه زمان انتقال فطبعه