للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الخامس عشر وبين علوم الأجيال التي ظهرت بعد هذا القرن. سمي علم السحر القديم مثلا (علم السحر الأسود) فميزه عن علم السحر الجديد الذي ابتدعه وسماه (علم السحر الأبيض). وعلم السحر الأبيض في نظر إنسان ذلك الوقت علم جديد عملي مجرد من الأباطيل والخرافات؛ وقد ضمن هذا لإنسان على القدماء حتى في مصدر العلم فقال: إن مصدر علمه السماء، أما مصدر علم القدماء فكانت الأرض.

ومادام مصدر السحر الأبيض السماء، فلم لا تكون للأجرام السماوية ذاتها يد في مقدرات الإنسان؟ آمن إنسان الأركانا بفعل البروج والأفلاك في مستقبل الإنسان، ولكنه لم يؤمن كما آمن الأولون. نعم آمن بقدرة البروج والأفلاك، وأيقن بأهمية ليتمكن بواسطة أسرار هذا العلم من معاكسة تأثيرات في السماء، وليسخر قوى البروج الخلفية في صالح الإنسان. أما الإنسان الأول، فقد آمن بها إيمان رجل مستسلم للمشيئة والأقدار يرجو رضا القوى الخفية لتجلب عليه السعادة والرفاهية.

رأينا تأثير السماء على الإنسان، فلم لا يكون للأرض نفس هذا التأثير على الإنسان؟ نعم، للأرض إذا أثر هام على سكان الأرض، وللإنسان إذاً أن يبتدع علماً يقاوم تأثير هذه الأرض، بل للأرض نفس الأثر، حتى على ما في بطون الأرض، فإذا ما تمكن الإنسان من اكتشاف سر هذه الأرض، فإذا ما تمكن الإنسان من اكتشاف سر هذا الأثر، تمكن من إيجاد هذا العلاج الناجح لمقاومة تأثير الأرض. وقد بحث الإنسان عن المادة السرية التي يمكن بواسطتها تحويل المعادن الخسيسة إلى معدن نفيس، وتلك المادة المطلوبة السرية هي حجر الحكماء أو الفلاسفة كما كانوا يطلقون عليها في القرن الخامس عشر للميلاد تؤثر على حياة الإنسان مجموعة قوى أخرى على رأسها (روح الإله العالية) التي تخللت جميع أجزاء هذا الكون، وحلت في كل شيء، فأصبح الكون هو السكون؛ وما الإنسان في نظر بارسلس سوى (العالم الأصغر) الذي هو صورة مصغرة (للعالم الأكبر)

وقد أسبغ صاحبنا على نظريته هذه ثوباً من أثواب الحلولية التي ترد في الصوفية الإسلامية أيضاً ولقد كان لها صدى بعيد في أنحاء أوربا، أثرت على أفكار فلاسفة الطليان والألمان والإنكليز وغيرهم أمثال كيور دانو وكامبنيلا وتيليزيو وروينشلين وبرونوميلنشوتن وأكريبافون نيتيسهايم وهرمان لوتسه الفيلسوف الألماني الشهير

<<  <  ج:
ص:  >  >>