النظم للغناء؛ وبث في الزجل (روح الشعر من الطهر والعفة)؛ وأدخل في نظمه (من أبحر الشعر ومجازاته ما وسع دائرته، وفتح للملحنين أبوابا كثيرة)؛ فتناولت الأغاني (أبواباً جديدة من الغزل البريء، كان أهم عناصره الأمل والوفاء، والذكرى والتضحية، وما إلى هذا من صفات الحب الروحاني).
صدق. وهو جدير بالشكر على نزعته الفاضلة إلى الإصلاح. غير أن الوفاء والتضحية، والذكرى والأمل، أشياء قد توجد عند محب عزيز أبي، وعند محب ذليل دني؛ وما وفاء هذا، مثلاً، كوفاء ذاك؛ وأساليب العبارات الصادرة عن الخصلة الواحدة في الاثنين، هي التي تصف لونها في كل منهما، لاختلافه باختلاف نفسيَّتيهما؛ فإن كان منظوم الشاعر الفاضل يمثل جله أو كله كلام المحب الأول، فإن منظوم غيره هو، في الأكثر، كلام الثاني وهو طاغ على الأغاني.
قال في المقال إن شعراء ناصروه في مذهبه فكانوا جميعاً أصحاب (المدرسة الحديثة). ولم تقتصر أغانيهم على الحب، (بل شملت أنواعاً من الوصف الرقيق في جمال الطبيعة)؛ وأنهم بأسرهم ينظمون للمسرح والسينما والحاكي والراديو، (وفي هذه الميادين مجال كبير للمعاني التي لا تذكر الحب)؛ وينظمون (تارة بالعربية الفصحى، وتارة بهذه العامية الفصحى).
صدق أيضاً. لكن كم من وصف الطبيعة في جملة ما يغنى؟ وهل جيد هذا الوصف بين أغانينا أوفر من رديئه؟ وهل أدرك المعاني الجيدة وغنى بها الملحن والمغني، وأداها كل منهما تأدية توافق المواقف المختلفة، وتشعر النفوس ببهجة الطبيعة؟ وكم نظم الناظمون للغناء من المعاني التي (لا تذكر الحب) في ذلك المجال الكبير بميادين المسرحيات وسواها؟ وما النسبة بين ما نظموا بالعربية الفصحى وبين ما نظموا بتلك العامية (الفصحى)؟ هذه الأسئلة أجاب عنها النقاد إجابة صحيحة بشهادة حال الغناء والموسيقى عندنا.
ومن كلامه:(القول بأن الغناء ينحدر في مصر فيه من القسوة شيء كثير، إذا قيس نتاج هذه السنين القليلة بعصور إسماعيل، وتوفيق، وعباس)؛ و (قد زال من قاموس الغناء ما كان في القديم من ذكر الدلع والخصر والكفل. . . والخمر ومجلسها، والنديم ودلاله)؛ و