اهتمامي به حين سمعت أن حافظ إبراهيم كانت له يد في إخراج المازني من وزارة المعارف (وأنا هنا أحكي كلاماً قاضت به المجالس في ذلك العهد بغض النظر عما فيه من صحبة أو بطلان).
ثم جاءت فرصة رأيت فيها المازني وجهاً لوجه في سنة ١٩٢٢ ولكن كيف؟
كان الأستاذ عبد القادر حمزة اشترك مع عبد اللطيف بك الصوفاني - رحمهما الله - في إخراج جريدة الأفكار بصورة تجمع بين مقاصد الوفد المصري ومبادئ الحزب الوطني، وكان عبد القادر ينظر إلي بارتياب لصلتي الوثيقة بالحزب الوطني، فكان يخفي عني أسماء المحررين الذين يساهمون في التحرير من بعيد، ومن هؤلاء كاتب تنشر له (الأفكار) سلسلة من المقالات الرائعة بعنوان (الإسناد المتداعية) فمن ذلك الكاتب؟ من ذلك الكاتب؟ ليتني أعرف!
وفي ذات يوم دخلت على الأستاذ عبد القادر حمزة أبلغه ملاحظات الصوفاني بك على بعض ما في (الإسناد المتداعية) من آراء فابتسم وقال: اسأل الأستاذ! فنظرت فرأيت المازني في حال تستوجب الرثاء، فقد كان دامي العينين، وكان كيانه يشهد بما يعاني من إعياء، وكذلك عرفت أن إبراهيم المازني هو صاحب (الإسناد المتداعية)
وبعد خمسة عشر عاما من ذلك التاريخ عرفت المازني خبراً يشبه هذا الخبر الغريب، وحياة هذا الرجل كلها غرائب.
كنا زميلين في تحرير جريدة البلاغ، ولم يكن بيننا ما يقع عادة بين الزملاء من التنافس المكبوت، فأسررت إليه مرة أن عندي موضوعاً أتهيب الكتابة فيه، لأنه قد يضايق فضيلة الشيخ المراغي، وهو إعلان الرسائل التي تنال بها العضوية في (جماعة كبار العلماء)، وبينت له أن من الواجب أن يكون حال تلك الرسائل شبيهاً بحال الرسائل التي تنال بها الدكتوراه من الجامعة المصرية، فهي تطبع وتنشر ليعرف الجمهور أن الجامعة لا تعطي الألقاب العلمية بدون استحقاق، فما الذي يمنع أن يكون الأمر كذلك مع (كبار العلماء)؟؟
وطرب الأستاذ المازني لهذه الفكرة وقال إنه سيذيعها بالنيابة عني، وكان مفهوماً أنه سيذيعها على صفحات (البلاغ) فماذا وقع؟
رأيتها منشورة بعد أيام في جريدة (الأهرام) بدون إمضاء فعرفت من جديد أن المازني