وتعميم التعليم الابتدائي وجعله مجانياً، واستلت على تأخرنا بمجانية التعليم بجميع أنواعه في العراق.
ومن يقرأ هذا المقال يعتقد أن السيدة الكاتبة. لم تدرس مشكلة التعليم عندنا؛ لأنه لا يوجد في القاهرة ولا في أي بلد من بلاد الدولة مدرسة أولية أو إلزامية تسد بابها في وجوه التلاميذ لأسباب واهية أو غير واهية. والمشاهد أن المدارس تشكو من عدم إقبال التلاميذ عليها حتى اضطرت الوزارة أخيراً إلى تنفيذ قانون الإلزام، وتقديم الذين يمنعون أولادهم إلى المحاكمة. وفي كل مدرسة سجل خاص مستخرج من دفاتر الصحة بأسماء التلاميذ الذين بلغوا سن التعليم في منطقتها. والمدرسة هي التي تتولى طلب التلاميذ للتعليم، كما تتولى إدارة القرعة طلب الشبان للتجنيد. وإذا كانت السيدة الكاتبة في شك من هذا فأنا زعيم لها بإلحاق من تريد من التلاميذ - مهما بلغ عددهم - بالمدارس التي يرغبون الالتحاق بها.
ولا ريب في أنها جاوزت الحق حين ذكرت أن التعليم في المدارس الأولية والإلزامية من أحط أنواع التعليم: إذ ليس من المعقول أن تهون المدارس الأولية لأنها تعلم الأطفال أو يهون معلموها لأنهم يضعون الحجر الأول في بناء العقول، وعلماء التربية يرون أن مرحلة الطفولة من أهم مراحل التعليم، لا من أحطها كما ذكرت الكاتبة. على أن القائمين بالتعليم في مدارسنا الأولية والإلزامية من الرجال الذين تخصصوا في هذه المهمة. وطريقتهم تساير أحدث مبادئ التربية الفنية. ولا يدانيهم فيها غيرهم مهما بلغ شأنهم.
أما تعميم التعليم فلا سبيل إليه، لأن الوزارة لم تستطع تعميم التعليم الأولي إلا بعد عشرين سنة، وعلى أساس نصف يوم، ولو جعلته يوما كاملاً لاحتاجت إلى سبعة آلاف مدرسة وثلاثين ألف معلم، غير الموجود عندها.
فكيف تستطيع إذاً تعميم التعليم الابتدائي في الدولة كلها؟ ومن أين لها الرجال والمال؟
أما مجانية التعليم بأنواعه في العراق فسرها عدم الإقبال عليه وقد كان هذا حالنا في الجاهلية الأولى!
ويلوح لي بعد هذا أن اعتكاف السيدة الكاتبة في برجها العاجي الذي ذكرته في مقالها قد حجب عنها الكثير من الحقائق التي يعرفها عامة الناس.