للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما جاء صباح الأحد حتى استعدت للذهاب إلى المقابلة، وما كانت تستعد حتى سألها والدها ان تصحبه في نزهه كان يسرها جداً أن تصحبه فيها، ولكنها اعتذرت بضرورة ذهابها لمقابلةأستاذها، وسألها هل ستبطئين عنده، فتكلفت شيئا من عدم الاكتراث تخدع به نفسها، وقالت لا أدري، لأني لا أعرف لماذا يريد مقابلتي. ولكن نفسها لم تنخدع بهذا المظهر المتكلف وبدأ عقلها سيرته الآلية من جديد، وسخطت على نفسها، ما الذي يثير حب استطلاعها إلى هذا الحد؟ وفي استهزاء مؤلم اكمل صوت في قلبها و (خاصة إذا كان الأمر أهون مما تتوهمين) فثار عقلها واسترد سيرته الإلية في حمية جديدة.

وجاءتها ابنة خالتها تعرض عليها الذهاب إلى أختها لترى هناك صديقة عزيزة عليها، وكانت تود رؤية هذه الصديقة فهي لم ترها منذ سنين، ولعلها لا تراها سنين أخرى، ولكنها اعتذرت ثانية، فسألتها ابنة خالتها: ولكن ألا تعرفين لأي شئ يريدك، وكأنها أحست تطفلاً فأكملت حتى تستطيعي أن تلحقي بي هناك إذا كان الأمر لا يستغرق طويلاً. قالت بعدم اكتراث، لست أدري ماذا يريد، فلا أستطيع أن أعدك باللحاق بك. وبدأ عقلها سيرته من جديد، وبدأت نفسها تضحك منها وتعيد (الأمر أهون مما تتوهمين).

وأخيراً وصلت دار (الكوكب) وصعدت الدرج في اتزان عجيب تحاول أن تؤخر المعاد ما استطاعت حتى لا يستشف أستاذها عجلتها وحب استطلاعها. ودخلت حجرته فحيته وحياها، ثم جلست تنتظر. وتكلم في مواضيع مختلفة، وهي تحاول في جهد أن تتبع كلامه وأن تخفي عجلتها واشتياقها لمعرفة ما جاءت من أجله وجاء ذكر المحاضرة فأثنى عليها، ثم قال: ولكني اترك ما بها لغيري من أساتذتك، لأن لي معك الآن أمراً من أخطر الأمور. وخفق قلبها ولم تستطع حفظ مظهر الاتزان الذي تكلفته منذ الصباح، ودون أن تدري قالت في لهفة ظاهرة وما هو!؟ قال يا فريد آتني بعدد الرسالة الماضي.

فأرتفع الصوت الهازئ في نفسها يضحك ويقول (الأمر أهون مما تتوهمين) قال غلطة تكبرك بكثيرما قرأتها حتى كلمت الأستاذ الزيات بشأنها تلفونيا.

وارتفع صوت العقل وقال ألم اقل لك إن الأمر خطير ولكن العقل ما كاد يزهى حتى قال أستاذها متابعا كلامه - غلطة نحوية كبيرة. إما أنتقلعي عنها، وإما أن تطلعي على الناس بمذهب جديد هو عدم التفريق في الجمع السالم بين مذكر ومؤنث، ومن يدري قد تجدين من

<<  <  ج:
ص:  >  >>