النقراشي باشا وزير المعارف، فكتب إلى هيكل يدعوه إلى كتابة مقدمة الديوان، مع أن ظواهر الأحوال كانت تقول بان بين الرجلين شيئاً من الجفاء
ولو أشار الشارحان إلى هذه اللمحة الأدبية لكانت شاهداً جديداً على ما عند رجالنا من كرائم الآداب
وسكت الشارحان عن الشارح الأول، كما سكت عنه هيكل باشا، وفي الطبعات العلمية لا يجوز هذا الإهمال
ويستطيع طلبة السنة التوجيهية أن يسألوا أساتذتهم عن ذلك الشارح، إن كان يهمهم الاستقصاء
نقد مقدمة هيكل باشا
تقع هذه المقدمة في اكثر من ثلاثين صفحة بالقطع المتوسط، وقد كتبت في ساعات غلب فيها الصفاء، قد كان الدكتور هيكل في عزلة تشبه عزلة النساك بعد خروجه من المعارف، وكان يعاني الكلف بالخلوة إلى القلم بعد أن شغل عن الأنس به عدداً من الشهور الطوال
هي مقدمة جيدة جداً، وربما جاز القول بأنها أجود ما صدر عن الدكتور هيكل من الدراسات الأدبية، فقد نفذ إلى أعماق العبقرية البارودية، واستطاع في بعض النواحي أن يذيع سرها المكنون
وسيجيء في الامتحان التحريري سؤال أو أسئلة من هذه المقدمة، فمن الواجب أن نتناولها بالنقد الرفيق، لنساعد طلبة السنة التوجيهية على إدراك ما فيها من مقاصد وأغراض، فالنقد هو الذي يوجههم إلى فهم مدلولها الصحيح، وهو الذي يهديهم إلى مكانة البارودي في تاريخ الأدب الحديث
نصيب البارودي من علوم اللغة العربية
نص الدكتور هيكل باشا مرتين على أن البارودي كان يجهل النحو والصرف والعروض، والنص على هذا مرتين في المقدمة يشهد أن هيكل باشا لم يكن في هذا الحكم من المرتابين
فممن اخذ (حيثيات) هذا الحكم القاسي؟
أخذه عن الشيخ حسين المرصفي، فقد نص في (الوسيلة الأدبية) علة أن البارودي كان