يقتلن ذا اللب حتى لا حراك به ... وهن أضعف خلق الله إنسانا
ويفضح الفرزدق فسقه في مقاله:
هما دلتاني من ثمانين قامة. . .
وهو هو القائل في زين العابدين، حفيد علي بن أبي طالب:
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله ... بجده أنبياء الله قد خُتموا
والقصيدة من اسمي المنظوم، وهي في المدح لا عديل لها، فمن أوحى بها؟. . . أبن بنت النبي، ملك من سلالة ملوك وإن هم ناموا في مطلع نهضتهم عن التاج والصولجان
وعظمة سحبان وائل، الخطيب البليغ اللسان، أين تجلت في أبهى جلالتها؟. . . أليس في بلاط معاوية الأول؟. . . وبيان عبد الحميد الكاتب أين سما؟ في بلاط الخليفة الجعدي، خاتمة الملوك الأمويين!
وزحزح العهد العباسي لثامه فإذا أبن المقفع في خدمة أعمام الخليفة، وإذا الخليفة العباسي الثاني يدعوه إليه ويكلفه نقل الكتب الأعجمية الذائعة الصيت إلى لغة الضاد. وهكذا نعمنا بكليلة ودمنة، أنقى مثال للأدب الوزين!
واتسع المجال في منتدى الخلفاء لكل ناظم وكاتب. فقام أبو دلامة وأبو معاذ الأعمى بشار بن برد، في بلاط المهدي.
واشتد الإقبال على الأدب. ولم يكن بيت المال في بغداد دون بيت المال في دمشق، فتألفت المدارس الأدبية، وبدا المنشئون في سطوة وهناءة. فالعباسيون شاءوا أن يبزوا الأمويين في العلم وبث الدعوة. وما خلا الجو للرشيد حتى أصبح أدب الضاد مشعل هدى، وكان قد أضاء في سمائه الخليل بن أحمد، وأبو نواس، وأبو العتاهية، والأصمعي، وأبو عبيدة، وسيبويه، والجاحظ، والكسائي. وجاء المأمون فإذا أوسع نهضة أدبية في لغة الضاد تتجلى. فما شهدت لغتنا عهداً فواحاً خصباً في الأدب والعلم كعهد المأمون!
وقبض المأمون فقامت دولة أخيه المعتصم. وفي كنف المعتصم لمع أبو تمام. وكان المتوكل فنبغ في رحابه الشاعر البحتري. وانتهى الموكب إلى المتنبي فتلظت مواهبه في حمى