للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصلاح بعد. ذلك لأني لم أهجر شروري وآثامي عن ندم وتوبة، وإنما نبذتها لأني ضقت ذرعاً بها

أنا رجل من أرومة طيبة في بلدي كما تعلم مولاتي. وإن لي داراً في الجبال، وأنا ابن والدين عزيزين أفخر بهما، ولهما عندي أطيب الذكر، على حين أن أعمالي - ولا ريب - تزعجهما وتسبب لهما حزناً عميقاً. . .

يصفني أعدائي بأني أعرج. وكل ما في الأمر أني أبدو كذلك لعدم اهتمامي بنفسي. ولا يستطيع أحد أن يجزم هل أنا أعرَجُ أو أحني ركبتي. ومهما يكن من أمر، فليراهن من يشاء على عرجي

أما سحنتي، فلا أقول إنها ترضي من يراها، ولكنها على كل حال ليست دميمة أو شتيمة إلى درجة تبعث على السخرية أو الاشمئزاز

والآن وقد أتيت على وصف نفسي وكشف النقاب عن وجهي، أنتقل إلى وصف المرأة التي أرتضيها لنفسي إذا ما من الله بها عليَّ. على أني أعترف أنه لولا مشيئة مولاتي ورغبتها الملحة، لكان من الحمق لمن كان مثلي في حقارة الشأن وضعة النفس أن يقبل على أمر كهذا، وليس ثمة امرأة ترضى به بعلاً. . .!

أود قبل كل شيء أن تكون زوجتي كريمة المحتد، عفيفة حصيفة؛ والصفة الأخيرة لازمة، إذ لو كانت غبية لما عرفت كيف تحتفظ أو تستفيد من صفتيها الأخريين. ثم إني أرجو أن تكون دمثة الأخلاق، خفيفة الروح، وأن تكون فضائلها فضائل امرأة متزوجة لا ناسكة متقشفة، لأن الاهتمام بزوجها وبيتها أخلق بها من سماع الوعظ وإقامة الصلاة. أما إذا كانت على شيء من العلم والمعرفة، فأفضل عليها الغبية، لأن العيش مع زوجة جاهلة أفضل وأسلم من العيش مع زوجة مغرورة

وأريدها وسَطا لا بشعة ولا جميلة؛ لأن المرأة الدميمة مصدر خوف وفزع ولا تصلح رفيقة حياة؛ والمرأة الجميلة تزعج أكثر مما تسر. أما إذا لم يكن بد من أن أختار إحداهما، فعليَّ بالجميلة، لأن الهم أهون عليَّ من الخوف، ولأن تكون لي زوجة أحرسها، أحبُّ إلي من أن تكون لي زوجة أفرُّ منها!

ثم إني أريدها ميسورة لا غنية ولا فقيرة، فلا هي تشتريني ولا أنا أشتريها، إذ ليس ثمة

<<  <  ج:
ص:  >  >>