للأرقام، ولكن العرب بعد أن اطلعوا على أكثر هذه الأشكال كونوا منها سلسلتين عرفت إحداهما باسم (الأرقام الهندية) وعرفت الثانية باسم (الأرقام الغبارية). ففي بغداد والجانب الشرقي من العالم الإسلامي عم استعمال الأولى أي الأرقام الهندية، وهي التي لا تزال شائعة ومستعملة في بلادنا. وشاع استعمال الثانية، أي الأرقام الغبارية في القسم الغربي - في الأندلس وأفريقيا والمغرب الأقصى - وهذه الأرقام هي المستعملة الآن في أوربا والمعروفة باسم الأرقام العربية ولم يتمكن الأوربيون من استعمال هذه الأرقام في الأعمال الحسابية إلا بعد انقضاء قرون عديدة من اطلاعهم عليها، أي أنه لم يعم استعمالها في أوربا والعالم إلا بعد انتهاء القرن السادس عشر للميلاد
ولم يفطن أحد قبل الهنود إلى استعمال (الصفر) في المنازل الخالية من الأرقام؛ وقد أطلقوا عليها لفظة (سونيا) ومعناها (فراغ) واستعملوا النقطة (.) لعلامة الصفر؛ وقد أخذها العرب عنهم واستعملوها في معاملاتهم. ويقال إن الهنود لم يلبثوا أن عدلوا عن استعمال النقطة وأخذوا يكتبون الصفر بصورة دائرة
فوائد الصفر
مما لا جدال فيه أن نظام الترقيم الذي نعرفه والمنتشر بين أكثر أمم الأرض هو من المخترعات الأساسية القيمة ذات الفوائد الجلّى التي توصل إليها العقل البشري، وهذا النظام لم ينحصر - كما لا يخفى - في تسهيل الترقيم وحده، بل تعداه إلى تسهيل جميع أعمال الحساب. ولولاه لما رأينا سهولة في الأعمال الحسابية، ولاحتاج المرء إلى استعمال طرق عويصة وملتوية لإجراء الضرب والقسمة. ومما لا شك فيه أيضاً أنه لولا الصفر واستعماله في الترقيم لما فاقت الأرقام العربية والهندية غيرها من الأرقام، ولما كان لهما أية ميزة، بل لما فضلتهما الأمم المختلفة على الأنظمة الأخرى المستعملة في الترقيم. والنظام المستعمل والشائع الآن يقضي بجعل قيمة الرقم تتغير بتغير منزلته، أي أنهم أوجدوا منازل للأرقام تكسب الرقم الواحد قيماً مختلفة إذا نقل من منزلة إلى أخرى؛ فالرقم الذي على اليمين يدل على الآحاد، والذي يليه على العشرات، والذي يليه على المئات، وهكذا. . . وإذا أردنا أن نكتب العدد (ثلاثة وأربعين) فإننا نضع الثلاثة في المنزلة الأولى، أي منزلة الآحاد والأربعة في المنزلة الثانية، أي منزلة العشرات. وهنا نجد أن الثلاثة