للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

دفعت الأربعة إلى المنزلة الثانية إلى اليسار وأعطتها قيمة الأربعين. ولكن إذا أردنا أن نكتب بالرقم العدد (أربعين) فمعنى ذلك أنه علينا أن نجد رقماً يدفع الأربعة إلى المنزلة الثانية إلى اليسار. وبذات الوقت لا يزيد في المجموع شيئاً، ومن هنا استعمل الصفر ووضع علماء الهند علامة لتملأ المرتبة الخالية، فجاءت مكملة لطريقة كتابة الأعداد بالأرقام

وللصفر فوائد أخرى هي من عظم الشأن في مكان عظيم لا يقل خطرها عن التي ألمعنا إليها؛ فلولاها لما استطعنا أن نحل كثيراً من المعادلات الرياضية من مختلف الدرجات بالسهولة التي نحلها بها الآن. ويمكن القول بأن الرسم البياني لم يتقدم خطواته الواسعة إلا باستعمال الصفر. والرسم البياني من أهم البحوث الرياضية، وعليه ترتكز الهندسة التحليلية، وحلول كثير من المعادلات الصعبة، بل هو الركن الأساسي للموضوعات التي تحتاج إلى استعمال علم الإحصاء. وهل تقدمت المثلثات تقدمها المعروف إلا بمعادلاتها؟! وهل يستطيع الرياضي أن يتقدم خطوة في حلها إلا إذا استعمل إشارة (الصفر)؟!

قد يدهش القارئ إذا قلنا إن حساب التمام والتفاضل لا يستغني في بحوثه عن استعمال الصفر، بل إن الصفر عامل مهم جداً في تسهيل حل كثير من مسائله العويصة الصعبة. وعلى كل حال يمكن القول بأن (الصفر) ضروري ولازم في البحوث الرياضية الحديثة والعالية، إذ جعل كثيراً من الأوضاع والمعادلات قابلة للحل غير ملتوية المسالك يمكن الأخذ بها والاستفادة منها، واستعمالها في فروع المعرفة من فلك وطبيعة وكيمياء وهندسة وما يتعلق بهذه من صناعة وفن

علاقة الصفر بالمدنية

ألا تشاركني أيها القارئ في الإعجاب بالأرقام التي نستعملها ويستعملها الأوربيون وبالنظام الذي يستولي عليها؟ أليس عجيباً ومثيراً للدهشة ألا تجد أقل صعوبة في كتابة أي عدد شئت - مهما كان كبيراً - من أرقام لا يتجاوز عددها عدد الأصابع؟ ألا ترى معي أن هذه الأرقام العجيبة قد سهلت الأعمال الحسابية كثيراً؟! ألا تعتقد أنه لولاها لما تقدمت المعاملات التجارية تقدمها الحاضر، ولولاها أيضاً لوجدنا صعوبة كبيرة جداً في إجراء أبسط الأعمال في الضرب والقسمة!!

<<  <  ج:
ص:  >  >>