الرجل (واجداً) نفسه مكرهاً لها، أو تراه مبتذلاً نفسه فاقداً لها في غمار شهواتها وتيار أهوائها؟ إنك لا ترى رجلاً كهذا إلا قد ارتسمت على وجهه علامة احتقار هي قبل كل شيء موجهة إلى نفسه. . . ولست أعرف معنى للنفس في حالة الاستسلام والاسترسال التي نشاهدها فيمن يلبون حاجات نفوسهم ولا يقفون لها في شهوة من شهواتها؛ فإن حكم هؤلاء في هذه الحالة كحكم الخشبة المنساقة في تيار الماء، أو الريشة المتطايرة في الهواء؛ أي أنه هو حكم الجماد المفقود في تيه النواميس الكونية بلا إدراك ولا شعور ولا إرادة. ولا يزال الإنسان شيئاً لا نفس له ولا استقلال لكيانه حتى يمتنع عن شيء يدفع إليه ويقف في وسط التيار الذي يحيط به. فهناك يجد نفسه بعد إذ فقدها بالمطاوعة ونسيان الذات، ويشعر بمعنى رفيع هو أسمى معاني الحياة لم يسم إليه إلا الإنسان بين سائر الأحياء)
وفحوى هذا جميعه أنني تمنيت الأدب لأنني تمنيت التعبير عن النفس، ولأن التعبير عن النفس يجتمع فيه عندي تحقيق وجودها ومتعتها واستكناه حقيقتها وحقيقة ما حولها، وليس فوق هذا المطلب من مطلب رفيع يتطلع إليه موجود شاعر بوجوده.