أتباعه بأنواع من الشعائر في فترات موقوتة، وفي وضعات معينة، وفي حالات خاصة؛ ففي مختلف الصلوات، وفي أنواع الخشوع، وفي أصناف التوجهات، نُظم للجسم والنفس من شأنها أن تؤلف المرء على حب النظام، وما أحوج شبابنا لخلق النظام.
قد يأخذ البعض على الديانات ما فيها من حواجز وحدود تحد مما تبيحه الحريات. على أنهم ينسون أنه لا خير في الحريات
ما لم تقف عند الحواجز والحدود، وإن وراء حدود التدين هاوية فتاكة بالنفوس، وتيهاً مضللا للعقول والأحلام
وإذا أضيف إلى فضائل الدين ما يتعزى به المنكوبون المعتقدون، وما يأمله المستحقون ممن يعتقدون بعدل الله، وينتظرون جزاءه الأوفى، فما أحرى الشباب أن يرعى حرمة الدين، ويتجه إلى هدفه المبارك المأمون
وزيادة على ما أتمناه لشبابنا من هذه المطامح المتقدمة، أرجو أن يجعل من أهدافه المباشرة نزعة الكرامة الأدبية، فعندما يطمح المرء إلى هذه الكرامة، وعندما يشعر بحرارتها المنبعثة من الأعماق تتجلى له قيمته الإنسانية المقدسة من خلال ماضيه وحاضره، وتفكيره وأمله ومسلكه الخلقي، وعندما يستذكر المرء معاني الكرامة، فإنه يحس في طواياه بنوع من عظمة النفس تدنيه إلى كل عمل حميد، وتضعه في كل منزل من المنازل التي تسدى فيها المكارم وتساق فيها المحاسن لخير نفسه، وخير أمته، وخير الناس أجمعين.
فالكرامة إذن هي نزعة نفسية عالية يتحقق بها الخلق الشريف والموقف المنيف لدنيا يريدها المرء مصقولة معقولة كريمة.
بل هي نزعة إلهية تتأثر بها كل قوانا النفسية لتستنهض أكثر الفضائل من شجاعة وصدق، وصراحة وجد، وضبط للنفس، وإيثار ووطنية وما إلى ذلك من الخلال الآدمية التي يأخذ بعضها برقاب بعض لتتحقق مشيئة الله حين أراد أن يكرم بني آدم
وهذه الكرامة التي أدعو شبابنا إليها غنية عن التعريف والوجاهة، غنية عن الأحساب والأنساب، ما دامت تستعين بالإيمان بأن الإنسان الحقيق بإنسانيته، هو من يصدر عنه دائماً الخير وطيب العمل
وإني حين أرسل صوتي إلى شبابنا ليحصر أهدافه في دوائر الأخلاق والتدين والكرامة