الخلق يستطيع الشباب أن يحول به مذاق العيش حلواً وعذابه نعيماً؟
إذن فالاعتزاز بالخلق الرفيع هو ما ينبغي أن يكون مثل شبابنا الماثل، ومطلبه الشامل
وإذا كان الخلق الكريم في جملته وتفاصيله هو الهدف الذي ينبغي لشبابنا أن يروضوا أنفسهم عليه، وأن يلقوا بأعمالهم في دوائره وأحضانه؛ فيقيني أن أكبر معين لإصابة هذا المرمى هو التدين الصحيح.
وإني حين أعفي نفسي من الإسهاب في تفاصيل الأخلاق الكريمة، وبسط جزيئاتها الرائعة؛ أقرر بأن التدين الصحيح هو أفضل رائد للوصول إلى الأخلاق الفاضلة الرفيعة؛ ذلك لأن الديانات على اختلافها قد أجمعت على تقديس الأخلاق الأساسية التي كانت أهداف الإنسانية مع تتابع العصور، واختلاف الأجناس والأقاليم
وليست هذه الأخلاق المقررة مجهولة تحتاج إلى التذكير، أو منكرة تحتاج إلى الإبانة والتعريف، أو مستورة خفية تحتاج للكشف والإظهار، إنما كل ما تحتاج إليه أن يستجيب الناس إليها، وأن يأخذوا أنفسهم بالإذعان لدواعيها، وأن يؤمنوا بأن تجارب العصور والأجيال لم تكن عبثاً حين لم تأت بما يضعف من قيمة هذه الأخلاق، أو يشكك في نفعها لدعم سعادة الأفراد وعظمة الأمم. فكل دين يأمر بالمعروف وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ وما ندم قط امرؤ اتخذ من أخلاق دينه هادياً له في معاملاته وسلوكه؛ وما هانت ولا وهنت أمة تمرس أفرادها في آداب الدين، ذلك لأن التدين والدين يحضان على العزة والتضحية والإيثار والعدل والقسط وجد الحياة ومهيئات السلامة والسلام.
ويقيني أن التدين الصحيح إذا استحال في عناصر الدم دماً، وفي عناصر الأعصاب عصباً، وعلى الجملة في عناصر النفس الناطقة روحاً ويقيناً وإيماناً، فإن أفعال الناس جميعها تستقر على الخير، وتدور في دوائر الحق، وتسرح في ميادين الجمال. . .
وحسبنا من التدين أن يذعن المرء لقيود والتزامات ونظم تحت رقابة حاضرة لا تغيب، يقظى لا تغفل، عالمة لا تجهل، تلك رقابة الضمير الطاهر، تلك رقابة الوجدان الساهر، تلك رقابة القوي القاهر، تلك رقابة الله
وكما أن للتدين الصحيح رقابة على النيات الخافية والمعنويات التي تؤثر في صور المعاملات وأشكالها، فإن له أجلى أثر في رياضة الناس على حب النظام. فكل دين يقاضي