فشمرتُ عن ذيلي الإزار وأرقلت ... بي الدعلب الوجناء (عَبْر) السباسب
ثم ما نشأ أخيراً من محاجات حول إعرابها، ولا يسع المتتبع لهذا لبحث إلا أن ينكر هذه الصناعة النحوية التي تأباها طبيعة هذه الكلمة؛ وإلا أن يبحث عن رواية أخرى تساوق ذوق اللغة العربية. وأقول إني عثرتُ على هذه الرواية في بعض المراجع؛ ففي تفسير ابن كثير في الجزء السابع ص٤٨٦ رُوي هذا البيت لسواد بن قارب في قصيدة جاءت نهاية لقصة تتعلق بإسلامه، ونحن لا يعنينا صحة هذه القصة وإنما تعنينا صحة هذا اللفظ الذي ورد في البيت هكذا:
فشمَّرتُ عن ساقي الإزار، ووسَّطتْ ... بي الدّعلبُ الوجناءُ (غُبْر) السباسب
ولا أستبعدُ أن تكون رواية (عَبْر) مُصحفة عن هذه الرواية (غبر) وقد قال صاحب لسان العرب في مادة (غبَر) بعد كلام كثير في تأويل حديث أبي هريرة (بيننا رجل في مفازة غَبراء) إن الغبراء هنا هي الأرض التي لا يهتدي للخروج منها؛ ولا شك أن (غُبر) جمع غبراء
وإذا كانت القصة التي وردت فيها القصيدة قد وضعت سواد ابن قارب هذا في الهند وكلفته أن يُسرع إلى مكة، أدركنا أي سباسب غبرٍ أوجبت عليه اجتيازها
وبعد فأرجو أن تكون هذه الرواية قد حلت ما بين الأستاذين من ألغاز النحو وأحاجيه
(دار العلوم)
محي الدين صابر محمدين
التشريع المحكم والدستور الخالد
كنت كلما طالعتنا الرسالة الزهراء بشمائل وعادات المصريين المحدثين (في النصف الأول من القرن التاسع عشر) أميل روحاً وحساً ومعنى لأعرف من عادات قومي ما أرخه مستشرق أجنبي ونقله إلى أصحابه أستاذ مصري. . .
ولكني عندما ما أدركت الفصل الرابع - في الحكومة - وقرأت طرفاً منه شعرت أني انتقلت من واد غير ذي زرع إلى رياض ذوات أفنان متمشياً مع المؤلف (أو المترجم) بقلب صادق وحس مرهف كأن فيه ضالة منشودة. حتى إذا ما فرغت سرحت بأماني