إنه قرن مضى. . . كان فيه مجلس العلماء يثير الرهبة والاحترام في نفوس الحكام الترك والمماليك ويحد من طغيانهم ثم فقدت - الآن - هذه الهيئة نفوذها على الحكام إلا قليلاً
هذا - وايم الله يا أقطاب الأزهر المعمور - كلام المستشرق (أدوارد وليم لين) وليس كلامي ولا كلام أي مصري واسألوا في ذلك الأستاذ عدلي طاهر نور. . .
وايم الحق إنه ليقطع أنياط القلوب أن نفرح بمادة الدستور التي تنص على أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام ثم نغضي عن تنفيذ شرائعه وأحكامه حتى فقدت هيئتنا العلمية كلمتها المستمدة من نور الله ووحي الرسول (ص) إلا ما تقوم به من وعظ
إن مدنيتنا ليست في غير الرجوع إلى الوراء. فهل آن لنا أن نستبدل الوضعية بالسماوية، والغرض الأسفل بالطموح الأعلى، وعرض الدنيا بباقي الآخرة حتى تكون لنا سابق رهبتنا
على أني لا ألبث أن أرى سحابة منقشعة أمام شمس الأمل الضاحية حين أذكر أن في بلدنا مصلحين ومجاهدين يتكلمون ويعملون بقلوب مؤمنة وصدور تشع منها أقباس قدسية تبشر بمستقبل سعيد.
هذا هو الأستاذ الجليل الزيات يسلط - حتى على مجلته - إشعاعه الروحي الكريم، فيفرد منها عدداً للهجرة، ثم يقول قالته الكريمة:(ذلك محمد يا زعماء اليوم وهؤلاء أنتم، فهل تحسون بينكم وبينه صلة، أو تجدون بين سياستكم وسياسته مشابهة؟)
وهذا هو الإيمان يتفجر من قلب كبير، فينطلق فضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر - وهو علم الدين المرفوع في أيامنا هذى - ويقرر أمام مولانا الملك المفدى ووزرائه أن القرآن تشريع محكم ودستور خالد، وأنه لا سعادة بدونه غير ما له من مأثور القول وسديد الجهاد، كلأه الله بالنصر القريب!
وهذه هي (الرسالة) الزهراء تقول بلسان أحد كتابها الأفاضل: (فلنتبع المنهج الذي ألف به الإسلام بين المسلمين، ولنطبق سياسته الحكيمة الرشيدة من جديد، فسترون المعجزة تتجدد، والرجاء يتحقق، والحياة تبسم لنا، والمجد يصافحنا، بعد عبوسها وجفائه)
وهذه هي (رابطة الإصلاح الاجتماعي) برياسة الدكتور هيكل باشا تقر في أول قراراتها أن (القرآن) تشريع سعد العالمين. . . الخ، ثم تطالب بالعمل به.