ولعل الجو في السهول السفلي لم يكن نقياً، حتى لقد غدا الغلام سقيما مدنفاً، فأذن كارلتون لجده أن يصعد به إلى التلال. . .
وكان (سيكوندار) جميلاً فاتن الجمال، ذا عينين نجلاوين تحكيان عيني غزال؛ وهو وإن فاض عليه الجمال الهندي الآسر فقد التمع في عينيه كذلك بريق الحدة التي لا تقف بصاحبها الهندي عند حد. . . وتعلق الطفل بكارلتون، فغدا لا يفارقه أينما ذهب. وكان جاك قد أعطاه دواء أفاده فائدة ملموحة، فعاده جماله العازب ومرحه الذي زايله حيناً. . . وكان كارلتون يجلس إليه ويصغي إلى أحلامه وأوهامه وأقاصيصه عن مواطينه القدماء وخرافاته عن الأحراج والأدغال. . . هذا وكارلتون لا يفتأ يفكر في فتاته (إيثيل). . . ولم يجحد رانجت الجميل الذي أسداه إليه (الصاحب) فأحبه وقدره. . .
وفي هذه اللحظة التي بدا فيها حظ كارلتون معلقاً في كف القدر، كانت عينا سيكوندار اللامعتان مثبتتين في كارلتون. . .
وقد التمع فيهما بريق القلق. . . هذا وكارلتون منتصب القامة، مستيقظ الحواس. . .!
وأخيراً، أصدر أمره، فهوت دوحة وانحدرت إلى أسفل المنحدر. . . ومن ثم إلى البحيرة على مسافة ثلاثة آلاف قدم. . .
وتبعتها ثانية ثم ثالثة. . . وأخذت الأمور تجري مجرى حسناً، فلمع بريق الرضا في عينيه، ولكن لفظ (الرضى) لا يؤدي مفهوم السعادة. . . كان (جاك) قد تأله في قلبه حب (إيثيل رين) وهي ابنة (ماجور) قتل في غارة من تلك الغارات التي يشنها رجال العصابات من حين لآخر. . . وكانت (إيثيل) في زيارة بعض أقربائها حين رآها (جاك) لأول مرة، فاستشعر في قلبه حباً لها. . . ولكن، من هو؟. . . ضابط غابة لا أكثر ولا أقل!. . . وإن حبه الصادق ليتخطى تلك الاعتبارات. . . ما لم تكن إجازته قد ألغيت فجأة، واضطر إلى الرحيل قبل أن يكشف لفتاته عن ذات قلبه. . .
وبعد شهر من رحيله تواترت الأخبار تحمل إليه نبأ زواج فتاته من (هيرسن) مقاول أعمال الخطوط الحديدية الشهير، وهو عصامي جمع من عمله ثروة طائلة، فأصبح بعد قادراً على أن يفرض حبه وقتما وحيثما شاء.