لقد كان لي ولصالون مي في أدب العصر آثار وسمات: ألهمت صبري، وأوهمت الرافعي، وألهبت جبران؛ ثم أخرجت من سواد المداد صوراً مختلفة الألوان متنوعة الأفنان أضافت إلى ذخائر الفكر الإنساني ثروة.
ثم تقدم العصر وطوت (مي) أكثر مراحل الشباب، فتنكر الدهر وتغير الناس؛ وورد أبواها متعاقبين حياض المنون فاستكانت للحزن، وأخلدت إلى الوحدة، فانفض السامر الأنيس، وانطفأ السراج اللامع، وانحدرت (مي) في طريق الوحشة والمرض والنسيان إلى نهايتها الأليمة!
أما بعد فقد قال بشار لبعض جلسائه ذات يوم: ما سمعت شعر امرأة قط إلا أحسست فيه الضعف! فقيل له: أو كذلك الخنساء؟ فقال في لهجة الفطِن المحترس: تلك فوق الرجال!
ونحن نقول في مي مقال بشار في الخنساء، ونزيد عليه أن مي هي الأدبية الكاملة في تاريخ الأدب العربي كله! أما إجمال هذا التفصيل فله مناسبة أخرى.